استنادًا إلى ما يقوم به صندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد) من جهود لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة بأركانها الثلاثة: الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ونظرًا لأهمية الجانب الثقافي في خلق التوازن بين هذه الأهداف، لا سيما ما نص عليه الهدف الرابع منها، فقد استضاف في مقره بفيينا الدكتور معجب الزهراني، مدير معهد العالم العربي في باريس، الذي قام خلال لقائه مع مدير عام «أوفيد»، السيد سليمان جاسر الحربش، والإدارات المختصة بتقديم عرض شامل لأغراض المعهد وأهدافه البعيدة والقريبة كمؤسسة ثقافية ودبلوماسية تستهدف تعزيز أواصر العلاقات بين فرنسا وأوروبا بشكل عام مع العالم العربي.
واستعرض الدكتور الزهراني عددًا من مشروعات المعهد الجارية التي ينفذها على مدار العام بالتعاون مع مؤسسات متخصصة من الطرفين (الفرنسي والعربي) لتقديم صور مشرفة للطاقات المبدعة في العالم العربي للزائرين من الشعب الفرنسي والزائرين من مختلف بلدان العالم لمدينة النور بغية تأسيس علاقات تعارف وتعاون وصداقة مستدامة. كما ناقش الدكتور الزهراني مع المدير العام خطط المعهد المستقبلية لبحث فرص ومجالات التعاون المشترك بين «أوفيد» والمعهد، مؤكدًا على رغبة فرنسا في التواصل مع العالم العربي ومؤسساته.
ورحب السيد الحربش خلال لقائه بالضيف الكريم، مؤكدًا على أهمية البعد الثقافي، الذي يعد من أهم العوامل الأساسية التي تساعد على تحقيق التنمية المستدامة إِذ يسهم في تنمية الإنسان عقليًا ووجدانيًا وأدبيًا وروحيًا ومهاريًا إلى جانب أبعاد التنمية الثلاثة الأخرى، مشيرًا إلى رؤية «أوفيد» للتنمية المستدامة المتمركزة على بناء القدرات البشرية.
ونوه بجهود «أوفيد» المبذولة في هذا الصدد، مشيرًا إلى سلسلة المعارض التي يستضيفها بانتظام منذ سنوات عديدة في مقره بفيينا لتسليط الضوء على ثقافات كل من البلدان الأعضاء والبلدان الشريكة للبلد المستضيف وزائريه لما لهذا من أثر بالغ في تعزيز التواصل بين الشعوب والحضارات والتعايش السلمي المستدام، مستشهدًا بقوله تعالى «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أنا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شعوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا...».
وقد أقام السيد الحربش مأدبة غداء تكريمًا للدكتور الزهراني حضرها كبار موظفي «أوفيد» من قسم المنح وقسم الاتصالات والإعلام.
وجدير بالذكر أن فرنسا قد أسست معهد العالم العربي عام 1980 كأداة للتعريف بالثقافة العربية ونشرها بالتعاون مع 18 دولة عربية بغية التواصل وتنمية العلاقات بين أوروبا والعالم العربي بتمويل مشترك بين الطرفين. وتشمل مشروعات المؤسسة تطوير المعرفة بالعالم العربي وإجراء أبحاث معمقة حول اللغة العربية والقيم الثقافية والروحية، إضافة إلى تشجيع التعاون المشترك، لا سيما في مجال العلوم والتقنيات.
ويشمل المعهد متحفًا للتعريف بالعالم العربي يضم صالة مخصصة للمعارض الموسمية والخاصة بالتراث التاريخي العريق والإبداع الفني، ومكتبة تحتوى على 85 ألف كتاب منها مجموعة متخصصة بأهم النصوص الثقافية القديمة والمعاصرة، وقسمًا للوثائق الرقمية، فضلاً عن بازار خُصص لبيع الكتب والمشغولات الحرفية العربية. وتتنوع الأنشطة الثقافية التي ينفذها المعهد من الموسيقى إلى العروض السينمائية والندوات وملتقى «خميس المعهد» إضافة إلى قسم الصور التوثيقية للأنشطة.
وفي إطار مهمته بتشجيع التواصل والتبادل بين الشرق والغرب، ينظم المعهد عديدًا من الندوات والملتقيات العلمية والفكرية كل عام يلتقي فيها باحثون من مختلف الجهات والتخصصات ليتحاوروا حول قضايا تتعلق بالتاريخ والعلوم والفنون والفلسفة في الثقافة العربية، كما تسلط الضوء على أهمية إسهام العالم العربي في الحضارة الإنسانية وفي الثقافة العالمية المعاصرة، ويشهد تنوع الندوات الدولية المنظمة في المعهد على مدى غِنى الأبحاث ومكانتها في المشهد الثقافي والفكري الفرنسي.