يوسف المحيميد
في كثير من الأحيان، حين نتأمل مشكلاتنا، نكتشف أن جزءًا كبيرًا منها يتعلق بوعي المواطن وشعوره بالمسؤولية والإيثار للآخرين، وتقدير الدعم الذي تقدمه الدولة له، سواء على المستوى الاجتماعي أو العقاري أو الزراعي... إلى آخره. فعلى سبيل المثال يعد صندوق التنمية العقاري نموذجاً رائعًا للدعم الحكومي، قام بدور تنموي مهم وكبير، وهو يقدم قرضًا حسنًا للمواطن، يبني به منزله، ثم يقوم بسداد هذا القرض بدفعات ميسرة جدًا، لكنه قد يفقد بوصلته حينما يتهاون المواطنون في تسديد قروضهم، نتيجة عدم وجود قانون يلزمهم بدفع المستحق عليهم، ويقتطع المبلغ من مرتبات الموظفين المتأخرين عن السداد، وهذا ما جعل هذا الصندوق، يعجز عن تقديم خدماته بدعم المواطنين المستحقين الجدد، ويخفف قائمة المنتظرين الطويلة جداً!
فحينما يتم الكشف عن نحو 442 ألف مواطن استفادوا من الصندوق ولم ينضبطوا في السداد، أي قرابة نصف مليون غير منضبطين، فذلك يعني أن هناك مثلهم ينتظرون سنوات طويلة، يعانون من ويلات الإيجار، ولم يتمكنوا من الحصول على حقهم في القرض بسبب مماطلة غيرهم، وبشكل أناني، ممن حصل على القرض، خاصة إذا كانت المبالغ المستحقة، التي لم يتم تحصيلها، بلغت اثنين وثلاثين مليار ريال، وهو بلا شك رقم كبير، يمكن به بناء آلاف المساكن، وإنقاذ آلاف المواطنين المنتظرين هذا الدعم.
إن وضع نظام آلي لصندوق التنمية العقارية يقوم باستقطاع المبالغ المستحقة على المواطنين المستفيدين، لا يعني الإضرار بهم وملاحقتهم والتضييق عليهم، بل هو إنصاف لإخوانهم المواطنين مستحقي الدعم، وهذا يعني تحقيق المساواة والعدالة بين المواطنين، وهو ما يجب العمل عليه في كافة أوجه الدعم ومجالاته التي تقدمها الدولة للمواطنين المستحقين وفق شروط وآليات واضحة.
أعتقد أن العمل على برامج تنظم شؤون المواطنين، بما يكفل حقوقهم وعيشهم الكريم، سيخفف العبء على الميزانية العامة للدولة، ويرفع مستوى كفاءة الصرف فيها من جهة، ومن جهة أخرى سينصف المواطنين المستحقين للدعم في مختلف المجالات، وسيمكن وزارة الإسكان وغيرها من الوزارات المعنية بتقديم القروض للمواطنين بما يساعدهم على تجاوز أزماتهم في هذه الحياة.