د. خيرية السقاف
غداً يوم جديد , في سنة جديدة.. وماذا بعد؟
لولا أنّ الأرقام تشير لهما لجهل الإنسان قدومهما, لانفراط الزمن في سيرورته الأزلية..
الانسيابية, المتعاقبة إلاّ من آيتي الشمس, والقمر!!
ونحن في سرمدية الزمن عابرون, لنا آجالنا, وعلينا مكنون لحظاتنا حتى تأتي..
تُرى لو كان الزمن رجلاً, أو امرأة شبيهاً بالإنسان, نظيراً له, لكنه مجرد من غرائزه فما سيقول له, مقارنة بلهاث هذا الإنسان بنوعيه في مضمار هذه الغرائز..؟
ما الذي سيوقفه عليه من حصاد سَنته التي مرت من هذا الزمن, ويأتيه به في هذا اليوم مفصلاً, منثور الأجزاء, ظاهر النوايا, ناطقاً بما قال, ماثلاً بما فعل, كاشفاً ما خبأ, وستر, معلناً ما همس ونطق؟!
تخيل أنه يستعجلك بأفعالك, وحصاد نواياك, ونتاجك..
تخيل أن يوقظك من غفلتك على ما لم تشأ أن تستعيد, أو لا ترغب في أن تتذكر, ويفحمك بما لا تعترف, وأنت تغترف, وتتمادى فتقترف..؟!
تُرى لو هزَك من كتفيك وشاء لك أن تتنازل عن غرورك قليلاً, وتنظر إلى ما بين كفيه من غـثِّك, وإسرافك, وأن تلتقي نفسكَ في كامل صورتها, وهيئة أفعالها, أسوف تمد له كفك الأخرى تصافحه امتناناً أن جاءك بحصادك قبل فوات الأوان, بينما هناك في آخر المطاف يقف يتربص بك أجلُك بتؤدة, أو على عجل..؟
أو أنك كما هي عادتك أيها الإنسان، سوف تهز رأسك قليلاً, وتتمتم ببعض كلمات الدهشة, والحسرة, والتمني, وتذهب تربِّت على نبضك الواجِف, وخجلك الوقتي, ثم تتركه يمضي وتعود لدولاب سيرك..؟!
وفي يومك الثاني من عامك الجديد تتعود على تأريخه المضاف, تنتقل لرقمه الجديد 2-1-1439 وأنت تسجله على ورقك, أو تنظر إليه في معصم يدك, أو تراجعه في شاشة هاتفك, وقد نسيت الذي هو هذا اليوم, الذي هو آخر رقم من شهر أخير في سنةٍ تودعك, إذ سيصبح غداً عاماً جديداً, بيومه, وشهره, وسنَته؟!