تركي بن إبراهيم الماضي
تداول في شبكات التواصل الاجتماعية لقطة لغلاف مجلة فوربس- التي تعني بعالم الأعمال- وتحتل الغلاف صورة لهاتف نوكيا الجديد، تحت عنوان ، مليار عميل في مختلف أنحاء العالم. يعود تاريخ العدد إلى العام 2007م. وفي هذ العام أيضا، دشنت شركة أبل هاتفها الجديد ايفون، لترسم خطا ثوريا للهواتف المحمولة، ولتعلن ولادة أفكار جديدة وضعتها في مقدمة السباق بين الشركات الأخرى.
أما بالنسبة لشركة نوكيا، فقد استكانت لفكرة أنها كانت الوحيدة المسيطرة على سوق الهواتف المحمولة، ولم تتطور، لأنها تتكئ على تاريخ لا يستطيع أي أحد أن ينهيه، أو هكذا ظنت الشركة وقياديها، لكن عالم اليوم، يشهد منافسة قاتلة بين الشركات، وحتى على مستوى الدول، ومن لم يستطع أن يطور من أدواته وأن يواكب الحركة السريعة والمتغيرة لهذا الزمن، فإنه سيغدو في الخلف دائما، ولن يلتفت له أحد، وربما سوف ينسى، ويتحول إلى ذكرى جميلة، كما هو حال نوكيا، التي يتداول الناس في شبكات التواصل الاجتماعية منتجاتها القديمة، التي ارتبطت في أذهانهم بسنوات مضت، وتوقفت عند ذاك الحد: مجرد ذكرى جميلة !
عالم اليوم، صعب جدا، إذ لا مكان للتثاؤب، ومن يتعب أو يود الراحة فسوف يجتازه المتسابقون الآخرون.
ليس هنا الحديث عن عالم الأعمال، لكنه عن عالم الأفكار، وهو يشمل الدول أيضا. فالذي يفكر الآن بالطريقة التي كان يفكر بها الناس قبل عشرين عاما، سيجد نفسه بمعزل عن العالم من حوله. فالناس غير الناس، والظروف غير الظروف، بل وحركة الزمن نفسها اختلفت خلال تلك السنوات. ولو تأملت الخارطة العربية لوجدت أن مكمن الخلل - ضمن أشياء أخرى - هو عدم الإحساس بأهمية الوقت. ولو كنا أمة تفعل وتلتزم بما تؤمن به، وتصبر عليه، لكنا أول أمة تبدأ سباقها اليومي بصلاة الفجر، لكن الكسل هو ما يجعلنا متأخرين عن الأمم الأخرى بسنوات بل وبعصور.
هل يعني هذا أننا خارج المنافسة؟
لا يهم في رأيي المتواضع أن نكون متأخرين أو خارجين عن السباق، فكلاهما سيان، أن تكون منسيا أو ميتا هو أمر واحد. لكن السباق مفتوح للجميع، ولا أحد يستطيع أن يمنع غيره من أن يدخل السباق، وتعلمنا التجارب القريبة لدول مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة كيف أنها كانت متخلفة وخارج السباق الحضاري، لكنها دخلت السباق في استثمارها في التعليم، اللبنة الأولى والأهم لصنع حضارة، تبقى وتزدهر.
هل هذا سهل ؟
لا توجد وصفة محددة للنجاح، وكل دولة استلهمت تجارب أخرى، لكنها قامت من خلال بيئتها، وأفكارها التي تود أن تقدمها للعالم. وأظن أن مشاريعنا الوطنية الآن سوف تكون بمشيئة الله فخر لنا في المستقبل، وخاصة ما يتعلق برؤية المملكة 2030 التي ستكون انطلاقتنا نحو المنافسة وليس فقط دخول السباق.