جازان - نايف عريشي:
وسط بحر من الرمال الذهبية وبمحاذاة ساحل البحر الأحمر الممتد لمحافظة بيش بجازان تطل للزائر مشروعات عملاقة بدأت من الصفر وأصبحت من كبرى شركات العالم في مصفاة النفط والتكرير والصناعات المتوسطة والثقيلة لتحكي لزائرها فصولاً من التنمية والإزدهار ستشرق شمسها على المنطقة والوطن في القريب العاجل، ولم تكن زيارة سمو ولي العهد إلى الصين مجرد زيارة عادية بل كانت المفصل الرئيسي والنجاح الحقيقي لجذب استثمارات لشركات عملاقة وكانت البداية توقيع عدد من الإتفاقيات الاقتصادية لدفع عجلة التنمية وتحقيق استثمارات كبرى يكون طريق الحرير المحرك الرئيس لتعزيزها وتطورها لتتوافق مع رؤية 2030، وحرصاً من سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه على إبراز الجانب التنموي للمدينة تم توجيه وفد إعلامي برئاسة الأمارة مهمته زيارة مدينة جازان للصناعات الأساسية، وقد رافقت صحيفة الجزيرة الوفد الإعلامي للمدينة وشاركت في العرض المرئي والميداني، وطرحت الجزيرة سؤالاً لمدير التطوير بالمدينة المهندس عبداللطيف سعد العبد الهادي، عن أهمية تغيير المسمى وهل سيكون هناك تغيير في العمل، وقد أجاب بأن التغير في الاسم يأتي للتوافق مع رؤية الوطن 2030 وبالتأكيد سيكون له أثر في التركيز على الاهتمام بالصناعات التي ستساهم في نهظة الوطن.
وذكر خلال حديثه أن مدينة جازان للصناعات التحويلية محور مهم للنمو الاقتصادي لمنطقة جازان، وهي بمثابة المحرك المستقبلي الرئيس للاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة. كما ستعمل المشروعات الضخمة التي تُنفذ هناك على تغيير ملامح المنطقة. وتتضمن مشروعات المدينة، مصفاة جازان، ومجمعًا لتوليد الطاقة، وميناءً بحرياً.
ويأتي هذا الدعم للمشروعات العملاقة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع.. وبمتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد أمير جازان بالنيابة.
وتشتمل مشروعات مدينة جازان على مصفاة جازان، التي ستكون نواة المدينة وقلبها النابض، ويُعد مشروع المصفاة من بين أضخم مشروعات التكرير التي أُنشئت خلال العشرين عامًا الماضية على مستوى العالم، بحجمه، وتقنيته المتقدمة، وطاقته الإنتاجية، وتكامله الهادف لتعظيم القيمة. فالمصفاة مصممةٌ لمعالجة أكثر من 400 ألف برميل في اليوم من الزيت العربي الثقيل والمتوسط، لتوفير اللقيم للصناعات التحويلية وتلبية إحتياجات المنطقة من المنتجات النفطية المكررة.
ومجمع توليد الطاقة، ويشمل أول معمل في المملكة لتحويل سوائل البترول الثقيلة إلى غاز منقّى نظيف ومن ثم إنتاج الكهرباء باستخدام تقنية الدورة المركبة عالية الكفاءة بطاقة مقدارها 3900 ميجاواط، وسيصدر هذا المجمع ما يربو على 2400 ميجاواط لشبكة الكهرباء الوطنية، وبذلك ستتوفر الطاقة النظيفة بطريقة اقتصادية وبجودة واعتمادية عالية. وتم تصميم هذا المجمع لكي يتكامل مع مجمع التكرير مما يساعد في إنتاج الكهرباء والمنافع بكفاءة عالية وسوف يتيح هذا المعمل إمكانية الاستغناء عن معامل إنتاج الكهرباء الأقل كفاءة خارج مواسم الذروة في المنطقة بالتنسيق مع شركة الكهرباء السعودية.
وثالث المشروعات هو مشروع تطوير البنية التحتية لمدينة جازان للصناعات التحويلية، حيث تعمل أرامكو السعودية على إنشاء ميناء المدينة الاقتصادية وتهيئة وتطوير البنية التحتية للأراضي الصناعية والسكنية وإنشاء شبكة الطرق لكي تكون المدينة رافدًا من روافد الاقتصاد للمملكة عمومًا وللمنطقة بشكل خاص.
ويسير العمل في مشروع مدينة جازان للصناعات التحويلية، بمرافقه المختلفة، الصناعية والخدماتية، بشكل جيد ومتسارع، بفضلٍ من الله، ثم بجهود العاملين المخلصين في هذا المشروع، وبتعاون جميع القطاعات حيث بلغت نسبة الإنجاز تزيد عن 50 % في كافة أعمال المشروع. وسيكون الميناء أحد أهم الموانئ في المنطقة بفضل موقعه الإستراتيجي على البحر الأحمر وبالقرب من منطقة القرن الإفريقي، ليمثل محطةً إضافيةً للعديد من الفرص في مجالات النقل البحري وأعمال الشحن والتصدير. وسيتكون الميناء -الذي يقع في الجزء الجنوبي الغربي من المدينة- من قسمين صناعي وتجاري، بحيث يخصص الميناء الصناعي للمنتجات البترولية، ورصيف صناعي لاستيراد المواد السائبة، فيما يحتوي الميناء التجاري على رصيف بطول 1.6 كيلومتر لمناولة الحاويات والبضائع ومناطق للتخزين وفق أحدث وسائل التقنية والتحكم بطاقة مليون حاوية في العام للمرحلة الأولى و2.5 مليون حاوية في العام للمرحلة الثانية مستقبلاً. وسوف يُزود الميناء بأحدث نظم الملاحة وشبكات الاتصال مع السفن والبواخر. كما يشتمل على زوارق القطر والسحب والإنقاذ وزوارق الإرشاد والإرساء لكي تسهل أعمال التشغيل بكل سلاسة ويسر.
وتشتمل خطة تطوير البنية التحتية للمدينة (المرحلة الأولى) التي تمتد على مساحة 106 كم2 على عدة نواحي من أهمها بناء ميناء تجاري وصناعي متكامل وتهيئة وتطوير البنية التحتية للأراضي الصناعية والسكنية وإنشاء شبكة الطرق الداخلية إلى جانب إنشاء شبكة كهربائية متميزة لنقل الكهرباء داخل المدينة، حيث تحتوي هذه الشبكة على محطات التوزيع الموزعة بعناية في المناطق الصناعية والسكنية.
يضاف إلى ذلك بناء محطة لتنقية للمياه بطاقة 60.000م3 في اليوم بطريقة التناضح العكسي، ومن الممكن زيادة الإنتاج مستقبلاً إلى 180.000م3 في اليوم، متى دعت الحاجة إلى ذلك، وإنشاء شبكة متكاملة لتجميع مياه الصرف الصحي والمياه المستعملة في الأغراض الصناعية بطاقة 40.000م3 في اليوم للمرحلة الأولى مع إمكانية زيادة الإنتاج إلى 120.000م3 في اليوم للمراحل اللاحقة، ومن ثم معالجتها لتطابق المعايير البيئية اللازمة للحفاظ على بيئة صحية ونظيفة، و عمل شبكة متكاملة لتصريف الأمطار حول وداخل المدينة لحمايتها من أخطار السيول.
ولهذا فإن مشروع مدينة جازان للصناعات التحويلية هو جزء رئيس من مجموعة مشروعات مهمة تتبناها وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في كافة مناطق المملكة مثل مدينة رأس الخير على الخليج العربي، ومدينة وعد الشمال، في شمال شرق المملكة، ومدينة رابغ على البحر الأحمر.
ومن أهم أهداف هذه المشروعات هو توسيع القاعدة الاقتصادية للمملكة، والتركيز على التصنيع، وكذلك شمولية التنمية لكل مناطق المملكة، وإيجاد صناعات متكاملة، من استخدام وتصنيع المواد الخام المتوفرة في المملكة ككل، أو على مستوى المنطقة، وإقامة الصناعات المتوسطة والنهائية، وكذلك ربط قطاعي التعدين والبترول، بحيث يكملان بعضهما بعضًا، في مشروعات اقتصادية كبيرة، وأخيرًا إيجاد فرص تعاونٍ مثمرٍ بين الدولة بأجهزتها المختلفة وبين القطاع الخاص. يذكر أنه بناء على المرسوم الملكي الكريم الخاص بتكليف الهيئة الملكية للجبيل وينبع بإدارة وتشغيل مدينة جازان للصناعات التحويلية، فقد تولت الهيئة إدارة وتشغيل المدينة الاقتصادية منذ مطلع العام الميلادي الحالي على أن تستكمل أرامكو السعودية بناء مشروعات المرحلة الأولى للبنية التحتية للمدينة وتسليمها للهيئة الملكية بعد الانتهاء من أعمال الإنشاءات.