أحمد بن عبدالرحمن الجبير
ثمة علاقة ثلاثية بين صاحب السيارة، وشركة التأمين، ومقدم خدمة الصيانة، وهذه العلاقة تبدو في بعض زواياها غير عادلة للمؤمن وأصحاب الورش، لأن شركات التأمين تقيم علاقتها على أساس الربحية الدائمة، ودون تحمل أية خسائر، وتحاول استغلال حاجة الورش لشركات التأمين لتفرض عليها ما لا ترغب أو ما لا يمكن تحمله أحيانا، فآلية الإصلاح يتم الاتفاق عليها بين الورش وشركات التأمين، وعند الاتفاق تطلب هذه الشركات من الورش تقديم عروض أسعار أقل من المعقول، أي أن شركات التأمين تتنصل من مسؤولياتها وتضعها على الورش.
كما أن شركات التأمين تتفق مع الورش اتفاقات مقطوعة ومحدودة سلفا، وفي حال قبول الورش بهذا الاتفاق، فإن شركات التأمين قد ترسل سيارات فيها نسبة صدمات عالية تتجاوز المتفق عليه بأضعاف مضاعفة، ولا يمكن للورش التي قبلت بالاتفاق الرفض، ولكن السؤال هل تقوم الورش بالإصلاح لوجه الله وخدمة لشركات التأمين، هل يمضي في اتفاقه وهو يرى الخسارة أمام ناظريه، باعتقادي أن ذلك غير ممكن، إلا في حالة كان المقطوع عادلا للجميع، وألا يدفع الورش للغش الداخلي، خاصة وأن شركات التأمين تغض الطرف كثيرا، وليس أحيانا، لتعود السيارة إلى العطل والخراب.
لماذا تطلب شركات التأمين من ورش السيارات عرض أسعار أقل للسيارات المصدومة، لماذا لا تكتفي بالإصلاح دون هذا العرض، ولماذا تطلبه ولمن، وكيف يمكن أن تستقيم العلاقة وهناك تلاعب يؤثر على المعادلة الثلاثية، وتحديدا على الخصم الضعيف الذي بسببه يتضرر صاحب السيارة والورش، حيث إن من نتائج تلك العلاقة، ظهور جودة أقل، وتلاعب بالقطع، وحوادث أكثر مستقبلا، حيث ستعود السيارة مرة أخرى للإصلاح بسبب سوء الخدمة، والسؤال كيف يمكن تجنب هذا التلاعب والغش؟
ويمكن تجنب ذلك عن طريق رفع نسبة التفاهمات المقطوعة لتكون عادلة، وذات مرونة مع السوق، ومتطلبات الخدمة، وعن طريق التقديرات التي لها خبرة عملية في سوق صيانة السيارات، وأن تكون نسبة التحمل تصاعدية على المؤمن مع كل حادث حتى لا يكون هناك تهاون واستسهال من قبل سائقي السيارات، وعلى شركات التأمين التعاون والمؤسسات الإشراقية وأن تضع مستويات لشركات ومؤسسات الصيانة، فلا يعقل أن يتم التعامل مع شركات متكاملة المواصفات الفنية والعمال المدربة، مع ورش ليس فيها الحد الأدنى من هذه المعايير.
فهناك ورش ذات إمكانات كبيرة ومساحات مناسبة، وفيها كامل عمليات الإصلاح من ميكانيك وكهرباء وسمكرة، وبرمجة كمبيوتر، بينما هناك ورش ليس فيها أي من ذلك مطلقا، لذا على شركات التأمين أن تنظر بعدالة كاملة للتعاقدات المقطوعة مع جميع شركات الورش بعدالة وتصنيف مستوياتها، كي لا يتأثر أبناؤنا مستقبلا، فعدا عن السرعة وطيش الشباب يصبح عامل الإصلاح متدني الجودة سببا آخر في الحوادث، وفي الوفيات وخراب الممتلكات، وعليه نتمنى أن يعاد النظر بالصيغ المعمولة حاليا، وأن توحد نماذج التعاقدات بين شركات التأمين، وورش السيارات، بحيث يمكن للمؤسسات الإشراقية وخاصة مؤسسة النقد، الاطلاع على واقع العملية بشكل متكامل، دون أن يقع طرف ضحية لطرف آخر.
كما أن من الضرورة توحيد مواصفات الورش، التي تحصل على التعاقدات وشركات التأمين، وألا تكون عرضة للتدخل الشخصي، فهناك ورش كبيرة، وذات مواصفات لا تحصل على عقود شركات التأمين، بينما تحصل ورش على عقود شبه دائمة مع عدة شركات دون توافر الحد الأدنى من متطلبات العمل، كما أن بعض الورش تحصل على تعاقدات من شركات التأمين فوق قدرتها على الإنجاز، وتبيع بعضها على ورش أخرى متدنية الجودة، بسعر أقل مما هو متفق عليه، وبذلك تنخفض الجودة وتضرر المؤمن.
ونأمل بأن تنظر المؤسسات الإشراقية وتحديدا مؤسسة النقد وبالتعاون وشركات التأمين ومندوبين عن الورش بأن تصاغ عملية تعاقدية عادلة للجميع تؤدي بالمحصلة إلى إنصاف المؤمن، وعدم التلاعب بحقوقه، وحقوق أصحاب الورش، فمؤسسة النقد مسؤولة عن تطبيق الإجراءات والأنظمة، والرقابة الصارمة على قطاع التأمين، والمحافظة على حقوق المؤمنين، وأصحاب الورش، والتأكد من التزام تلك الشركات بها، ورصد جميع التجاوزات، ووضع حد لها، ومحاسبة الشركات المخالِفة، خاصة التي تبحث عن الربح المادي.