فيصل خالد الخديدي
يأتي تقدير الذات أحد أهم الضروريات التي أشار لها ماسلو في هرم الاحتياجات الانسانية، بل أنه جاء التأكيد عليه في الحاجة لتحقيق الذات والحاجة للتقدير, وتقدير الذات هو (مقدار الصورة التي ينظر فيها الإنسان إلى نفسه، هل هي عالية أم منخفضة), وكغيرهم يأتي التشكيليون في حاجتهم لتقدير ذواتهم، سواء تقديراً داخلياً أو تقدير الآخرين لهم، بل أن حاجتهم لتقدير ذواتهم الإنسانية لا تقل عنها في تقدير ذواتهم الفنية.
وتقدير الذات واحترامها والتصالح معها وإعطائها ما تستحق من تقدير يمنحها الثقة وهي أول نتائج احترام الذات، فالفنان الواثق من ذاته والمقدر لها تجده سلك البوابة الكبرى للنجاح والتي تستعصي على الانهزاميين والمهشمين داخلياً ولا تتسع للمتضخمين الذي تجاوزوا تقدير الذات ووصلوا بها للذات المريضة المترهلة الجوفاء المبالغة في اعطائها فوق ما تستحق وما يفوق قدراتها.
صور عديدة تظهر على السطح في الساحة التشكيلية المحلية تتأرجح بين امتهان الذات الفنية وابتذالها، وأخرى على النقيض منها تأتي بالمبالغة والتضخم والتورم الغير مستحق ولا المبرر، ومع ذلك فإن هناك الكثير من الصور المشرقة التي يظهر فيها التقدير للذات والثقة بالنفس والاعتداد من التشكيليين الواعين الممتلكين لأدواتهم والمستزيدين من المعارف والمستفيدين من التجارب والمنفتحين بثقة والمؤثرين في مجتمعاتهم المحيطة باختلاف مستوياتها والمتخطين للتحديات والقضايا المعاصرة في محيطهم بحسن تعامل وتمكن في اتخاذ القرار وصنع الفارق بثقة وتمكن.
ولعل من الصور المزعجة التي تظهر فيها النرجسية والمبالغة في الذات وتضخمها مبالغة الفنان او الفنانة في تقدير قيمة اعمالهم بل وصل الأمر بأحد المبتدئين لوضع مبلغ مبالغ فيه على بالتيته التي يمزج فيها الوانه وآخر يعرض اكواب وقطعة بسكويت بأسعار اكثر من المبالغ فيها, وليتهم قدموا فكراً أو فلسفة تشفع لهم مبالغتهم هذه والتي تعطي انطباع لدى المتلقي بانفصالهم عن الواقع وعدم معرفتهم بقيمة الأمور وتقديرها, وعلى الجهة الأخرى والنقيض من تضخم وتقدير الذات يأتي البعض الآخر من المنهزمين داخلياً والتائهين فنيا وتجدهم يتسابقون بأعمالهم البدائية ليجعلوها في ممرات المؤسسات الحكومية والمطارات والمستشفيات مجاناً وبلا ثمن ودونما أي تقدير لذواتهم ولا فنهم.
ترنيمة أخيرة: الذات الفنية تستحق التقدير بلا مبالغة مُستهترِ ولا استنقاص مُذل.