د. محمد عبدالله العوين
أبارك لقيادتنا الرشيدة بذكرى هذا اليوم الوطني الأغر قائد مسيرتنا الوطنية المظفرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملك الحكمة والخبرة السياسية والإدارية المعتقة وقائد الانطلاق إلى المستقبل، وإلى عضده الأيمن ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الأمير الشاب المتدفق طموحا وشموخا وتوقا إلى تحقيق الرؤية السعودية نحو وطن قوي متحضر منافس جديد منطلق من عقبات التوقف أو التردد أو الحيرة وفق برامج التحول ثم الرؤية عام 2030م .
وأبارك لكل مواطن سعودي وسعودية بذكرى يوم مجيد فيه توحدنا وتضامنا وتكونا وأعلنا عن أنفسنا في دولة واحدة قارة لا تشبهها دولة ولا قارة أخرى؛ هي «المملكة العربية السعودية».
رحم الله القائد العظيم الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود الذي جاهد وناضل وغامر هو ورجاله المجاهدون المخلصون ممن آمنوا معه بأهدافه الكبيرة السامية من قبائل شبه الجزيرة العربية كافة، وواصلوا بقيادة المؤسس الجديد الشاب عبد العزيز تحقيق الحلم وإعادة تكوين الدولة السعودية التي تآمرت عليها الخلافة العثمانية التركية الظالمة بعد أن قامت وتوسعت واستقرت وحققت للعرب وللمسلمين المنعة والهيبة والأمان والعزة في الدولة السعودية الأولى ثم الدولة السعودية الثانية.
في تاريخنا الوطني الطويل وقفات مهمة لا بد للأجيال أن تتذكرها وتعيها وتأخذ منها عبرة وعظة ودروسا ملهمة، وأول وقفة اعتزاز وتذكر عند عام 1157هـ الموافق 1744م بدء انطلاق عملية التكوين الأولى لهذا الكيان العظيم حين أسس الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - إمارة الدرعية، والوقفة الثانية عند عام 1233هـ حين تآمرت الدولة العثمانية الظالمة على الدولة السعودية وجندت مواليها وعبيدها ومجرميها وغزت بهم بلادنا وأسقطت دولتنا وقتلت ودمرت وشردت واستبدت وعلت في أرضنا علوا كبيرا؛ لكن الله الذي قدر ودبر وأراد أن يكون للحرمين الشريفين ولشبه الجزيرة العربية قادة وبناة وحماة هيأ لتحقيق هذه الغاية السامية النبيلة وهي حفظ وحماية ورعاية رسالة الإسلام وخدمة الحرمين الشريفين وإعمار واستقرار قبائل وأبناء هذه الأرض المباركة قائدا جديدا ينهض كطائر الفينيق من تحت الرماد ويعيد بناء الدولة من جديد هو الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود حيث تمكن في عام 1240هـ من انتزاع الرياض من الأتراك وعملائهم بعد أن استقر ضيفا مكرما معززا في بلدة الحلوة لمدة ثلاث سنين بمدينة حوطة بني تميم التي وقفت - ولله الحمد - وقفة بطولة وشجاعة بكل رجالها وقبائلها وقراها مع الإمام تركي فسجل رجال الحلوة والقويع والعطيان والحلة وأسفل الباطن ونعام والمفيجر والحريق أروع صور البطولة والشجاعة في صد الحملة التركية الغاشمة وهزيمتهم وتشتيت شملهم ثم عودة الإمام تركي مرة ثانية ليحكم الرياض، ثم أكمل مسيرة إعادة البناء ابنه الإمام فيصل بن تركي - رحمها الله -.
والوقفة الثالثة التي لازلنا في فيئها ونستظل بما أثمرت عنه من نتائج باهرة عند عام 1319هـ حين أعاد الشاب البطل عبد العزيز بن عبد الرحمن تكوين الدولة السعودية بعد أن تكالب عليها الأعداء والطامعون فاستعاد الرياض من جديد، ومنها بدأ مسيرة إعادة التكوين التي استمرت منذ عام 1319هـ إلى 1351هـ أي مدة ثلاثين عاما لم يتوقف الملك المؤسس عن حملات لم الشمل وإعادة نظم عقد الفسيفساء من جديد مواصلة لحلم التأسيس الأول الذي بدأه الإمام محمد بن سعود رحمه الله.
إن لكل قرية ومدينة وقبيلة وعشيرة في مملكتنا الغالية بصمة فداء ووفاء وتضحية؛ رجال استوعبوا رسالة الملك المؤسس ووعوها وآمنوا بها وعاهدوا الله أن يكونوا أوفياء للرجال العظام في الدولتين السعوديتين الأولى والثانية.
كانت المحن التي مر بها أهلنا في أطوار التأسيس وما ارتكبه الغزاة امتحانا لإيمانهم وصبرهم ووفائهم لرسالتهم، وإصرارهم العظيم على مواصلة تحقيق غاية إقامة الدولة مهما كانت التضحيات هو ما ننعم به الآن من أمن ورخاء وخيرات. (يتبع)