يوسف المحيميد
قبل بضع سنوات كان الاحتفال بيوم الوطن محدودًا، بل ومحاربًا من قبل فئة محدودة من المواطنين، إلى حد أن بعضهم يرفض أي شكل من أشكال الاحتفال في مدارس التعليم العام، رغم جهود الوزارة وتعاميمها السنوية التي تؤكد على أهمية تعزيز الشعور الوطني، لكن هؤلاء لا يؤمنون بفكرة الانتماء إلى الأوطان، ولا بتاريخ الشعوب التي ناضلت حبًّا بأوطانها، وإخلاصًا لها.
كل ذلك انتهى، ونحن الآن في عصر جديد ومختلف، ومع جيل شاب جديد ومثقف يؤمن بقيمة الانتماء إلى وطن آمن ومستقر، ينعم بالرخاء والنمو الاقتصادي، والمكانة السياسية الكبيرة إقليميا ودوليا، ليس ذلك فحسب، وإنما يشعر بالفخر بهذا الوطن، ويرفع اسمه عاليًا في كل المحافل الإقليمية والدولية، ويذود عنه في كل مكان، سواء في الداخل أو الخارج، في الصحافة والمؤتمرات أو في مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا العام، سيكون الاحتفال بهذا اليوم مختلفًا، ولن يقتصر على المدارس والشوارع وما شابه، بل سيظهر الاحتفاء بالوطن في كل مكان، وبأشكال مختلفة من الاحتفال، ستنقلها وسائل الإعلام التقليدي، والإعلام الجديد، ويتولى جانبا كبيرا من هذا الاحتفال هيئة الترفيه، التي جاءت كي تخلع عن الوطن مسحة الكآبة التي تجثم فوق صدره، وهذا الأمر يتطلب أن نؤمن جميعًا بأننا مجتمعًا طبيعيا، كباقي مجتمعات العالم، نعيش حياتنا البسيطة بكل حب وفرح وسعادة، دون رصد سلوكنا، وملاحقة تصرفاتنا الإنسانية الطبيعية.
إن هيئة الترفيه حين تنسق مع هيئة الرياضة، بشأن فتح بوابات أستاذ الملك فهد، وأستاذ الجوهرة بجدة، لكافة أفراد المجتمع دون تمييز، وبما يتفق مع أخلاقنا وسلوكنا، وفق تعاليم ديننا، وذلك بتخصيص أماكن للعائلات بما يكفل الراحة والخصوصية لهم، والاستمتاع بأوبريت ملحمة وطن، إنما تُمارس دورًا مهما في خروج المجتمع من عنق الزجاجة التي حشر نفسه فيها منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، تلك المرحلة التي عرقلت مشاريع التنمية، خاصة في مجال صناعة السياحة والترفيه، تلك الصناعة التي تعيش عليها دول كثيرة وكبيرة، وتعتمد ميزانياتها عليها، بينما نحن ظللنا نحو أربعين عامًا نتوجس من الجديد، ونحاربه بأسناننا، حتى اكتشفنا العالم من حولنا، وكيف قفز نحو صناعة سياحة مذهلة أمام فقدنا لكثير من تنمية اقتصادنا، وجعله يعتمد على مصدر وحيد للدخل.
أظن أننا استوعبنا الدرس جيدًا، ولن نعود إلى الانكفاء داخل أسوارنا التي ابتدعناها، بل سنفتح نوافذنا للهواء والشمس، ولن نقبل أن تتحكم بنا، وبمستقبلنا، فئة لها طقوسها وشروطها في الحياة.
كل عام وأنتم الوطن بخير ومحبة وسلام.