لا يمكن أن يمر اليوم الوطني هكذا دون وقفة تأمل، فهو مناسبة كبيرة لرؤية هذا الوطن العظيم ومراحل بنائه وتطوره السريع والمتكافئ على المستوى الإنساني والعمراني، في جميع المجالات التي لم تأخذ أحدها حق الآخر، فكانت الدولة -أعزها الله- حريصة على أدق التفاصيل التي تجعل الإنسان السعودي قادرا على بناء هذا الوطن، وأن يكون العنصر الأساسي في استمراريته.
إن الإطار التاريخي لتطور السعودية مليء بالذكريات الخالدة التي تدعونا أن نجعل من اليوم الوطني مناسبة للذكرى نعود إلى الأساس الذي انطلقت منه هذه الدولة، وجعلها تصل إلى هذه المكانة المتميزة على المستوى العالمي، وقد كان ذلك أساسه وبلا شك الشريعة الإسلامية، فمن كان الدين الإسلامي سلاحه حتماً لا يخسر ولا يضعف.
إن بلاد الحرمين الشريفين مهبط الوحي وقبلة المسلمين وقد خصها الله -عز وجل- بهذه المكانة السامية والروحية وهي تحمل على أرضها أطهر بقعتين على وجه الأرض، هما مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولذلك تشرّف ملوكها بتوارث لقب خادم الحرمين الشريفين، وقد كانوا كذلك -أيدهم الله-، فعملوا جميعاً على خدمتهما، فكانت المشروعات التوسعية للحرمين الشريفين منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- فحمل رسالته أبناؤه وكانت تتوالى التوسعات لخدمة ضيوف الرحمن في الحج والعمرة طوال العام.
إن من المناسب في يومنا الوطني أن نلقي ولو نظرة سريعة على التعليم، ونعود إلى الماضي لنجد أن المؤسس اهتم بالتعليم حتى قبل بداية التعليم النظامي، واضعاً حجر الأساس بعد لقائه في مكة المكرمة بالعلماء، لتبدأ أول مؤسسة تعليمية، ثم أتى مشروع التعليم النظامي في العام 1344هـ، إلى أن جاءت جامعة أم القرى عام 1369هـ. واليوم لدينا ما يزيد على 34 جامعة في مختلف مناطق المملكة.
ولا بد كذلك من الإشارة باعتزاز إلى أن السعودية أرض للأمان والاستقرار منذ نشأتها، وإلى اليوم رغم كل ما يُحاك ضدها من مؤامرات خارجية، فقد قبضت بحزم وعزم حفاظاً على أمنها، وأكدت للعالم قدرتها على حفظ الأمن للمقيم والزائر، وامتلكت القدرات في تقويض الأيادي الغاشمة التي أرادت أن تطول أمن هذه البلاد لمكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية، وبحمد الله تثبت للعالم في كل مرة تصديها بيد الحزم من يحاول العبث بأمن هذا الوطن.
إن من يتأمل ماضي المملكة وحضارتها لا بد أن يقف على كل مراحل التطور النمو السريعة التي كان خلفها أبناء المؤسس -رحمهم الله- إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- التي جعلت وطننا -ولله الحمد- في مصاف الدول الكبرى.
وأخيراً نجدد البيعة لولاه أمرنا -حفظهم الله- وكل عام والمملكة بخير وأمان.
... ... ...
بقلم/ عبدالله بن يعقوب الرشيد