«الجزيرة» - علي سالم:
منذ أن تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، أخذ - حفظه الله - يجوب القارات من خلال زيارات عمل موفقة بإذن الله، تم فيها توثيق وتمتين علاقات المملكة العربية السعودية بالدول الصديقة التي شملتها زياراته - أيده الله - وأثمرت ولله الحمد اتفاقيات وعقوداً ومذكرات تفاهم عديدة من شأنها دعم مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها بلادنا الغالية في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وقيادته الحكيمة لدفة النهضة الحضارية بالمملكة، وعززت الزيارات والجولات المباركة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله؛ من قوة ومتانة العلاقات الثنائية بين المملكة وتلك الدول، وأكدت ما للمملكة ولشخصية الملك سلمان من دور بارز ومهم على المستويات الإقليمية والدولية وعلى كافة الصعد، ولما يكنه قادة العالم من احترام وتقدير للملكانة السياسية والقيادية للملك سلمان بن عبدالعزيز وما يتمتع به من صدق ووفاء في العهود والمواثيق الدولية، هنا لمحات ووقفات من جولات الخير والبركة التي قام بها ملك الحزم والعزم سلمان.. حيث أثمرت جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الدولية في عقد القمة الاسلامية الأمريكية التي كانت بحضور قادة وممثلي أكثر من 55 دولة عربية وإسلامية مع الولايات المتحدة.
ونتج عن تلك القمة توافق في وجهات النظر والرؤى حيال القضايا الدولية والإقليمية، حيث تعد تلك القمة منعطفاً تاريخياً في علاقة العالمين العربي والإسلامي مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وجاء ذلك في بيان «إعلان الرياض» الذي صدر في ختام أعمال القمة، الاستعداد لتشكيل قوة من 34 ألف جندي لمحاربة الإرهاب وقيام تحالف «الشرق الأوسط الاستراتيجي» رسمياً العام المقبل.
كما أعلنت القمة عن بناء شراكة وثيقة بين قادة الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة التطرف والإرهاب وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية إقليمياً ودولياً.
ورحب القادة بتأسيس مركز عالمي لمواجهة الفكر المتطرف ومقره الرياض، مشيدين بالأهداف الاستراتيجية للمركز المتمثلة في محاربة التطرف فكرياً وإعلامياً ورقمياً، وتعزيز التعايش والتسامح بين الشعوب.
وأدان القادة المواقف العدائية للنظام الإيراني، واستمرار تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول، في مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولي وحسن الجوار، مؤكدين التزامهم بالتصدي لذلك.
الولايات المتحدة الأمريكية
زيارته للولايات المتحدة
عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس باراك أوباما اجتماعاً في البيت الأبيض خلال زيارة خادم الحرمين للولايات المتحدة الأمريكية وتميزت جلسة المباحثات بالإيجابية والمثمرة، استعرضا خلالها العلاقات المتينة بين البلدين؛ حيث نمت هذه العلاقة وتعمَّقت خلال العقود السبعة الماضية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية وغيرها من المجالات ذات المصالح المشتركة.
كما استعرض الزعيمان التعاون العسكري القائم بين البلدين في مواجهة تنظيم داعش في سوريا، وفي حماية المعابر المائية ومحاربة القرصنة، كما ناقشا تسريع الإمدادات العسكرية إلى المملكة، وتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وأكَّد الزعيمان أهمية مواجهة الإرهاب والتطرف، كما جددا التزامهما بالتعاون الأمني بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بما في ذلك الجهود المشتركة لمواجهة القاعدة وداعش، وأشادا بتعاونهما للحد من تدفق المقاتلين الأجانب ومواجهة حملات داعش الإعلامية الداعية إلى الكراهية، ولقطع إمدادات تمويل المنظمات الإرهابية. كما أكد الزعيمان الحاجة لجهود طويلة المدى تمتد لعدة سنوات لمواجهة الإرهاب والقضاء على القاعدة وداعش؛ ما يتطلب تعاوناً مستداماً من بقية دول العالم.
وشهدت الجلسة تناول الجانب اليمني، أكد الجانبان ضرورة الوصول إلى حل سياسي في إطار المبادرة الخليجية ونتائج الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن رقم 2216، وتناولا كذلك النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، أكد الزعيمان أهمية مبادرة السلام العربية التي قُدِّمت في عام 2002 م، والحاجة للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة ودائمة لهذا النزاع، قائمة على حل الدولتين لتحقيق الأمن والسلام، كما شجعا الطرفين على القيام بخطوات بهدف المحافظة على حل الدولتين وتطويره.
كما شدد القائدان على أهمية الوصول إلى حل دائم للصراع في سوريا، والمحافظة على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، كما أبدى الزعيمان دعمهما جهود الحكومة العراقية للقضاء على داعش، وناقش الزعيمان تحديات التغير المناخي، واتفقا على العمل معاً لتحقيق نتائج ناجحة في مفاوضات باريس، مع مراعاة الظروف الخاصة للمملكة.
كما تمت مناقشة الشراكة الاستراتيجية الجديدة للقرن الحادي والعشرين، وكيفية تطوير العلاقة بشكل كبير بين البلدين، وقدم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية (آن ذاك)، إيجازاً لفخامة الرئيس، اشتمل على رؤى المملكة حيال العلاقة الاستراتيجية. وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين وفخامة الرئيس توجيهاتهما للمسؤولين في حكومتيهما بوضع الآلية المناسبة للمضي قدمًا في تنفيذها خلال الأشهر القادمة.
كيري يكسر البروتوكول
حرص وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، على استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - خلال زيارته الرسمية إلى واشنطن منذ وصوله إلى قاعدة أندروز الجوية قرب واشنطن، ومرافقته حتى مقر إقامته، وهو أمر يعتبره المراقبون كسراً للبروتوكول الأمريكي المعتاد. وأكَّد مراقبون أن هذه الخطوة تشير إلى مكانة الضيف الكبير، ودليل على أهمية الزيارة.
مبادرة تاريخية من أوباما
سلَّط المراسلون الصحفيون بالبيت الأبيض، الضوء على مراسم الاستقبال غير العادية التي حرص الرئيس الأمريكي باراك أوباما على إقامتها أثناء استقباله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، للإعراب عن مدى ترحيبه بزيارته الرسمية الأولى للولايات المتحدة الأمريكية بعد توليه زمام الأمور في المملكة.
وبحسب ما أوردته المحطات الإخبارية الأمريكية، فإنَّ الرئيس باراك أوباما حرص على الخروج بنفسه لاستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وهو خارج من سيارته أمام الجناح الغربي «The West Wing» وهو المدخل المؤدي لجميع المكاتب التنفيذية بالبيت الأبيض مثل المكتب البيضاوي وغرفة الكابينة الوزارية وغرفة العمليات التي تُجرى بها المؤتمرات ومركز لإدارة المخابرات وقاعة الرئيس روزفلت للقاءات.
وعلق مارك كنولر مراسل محطة «سي بي إس» على الحدث قائلاً: «حدث غير عادي، الرئيس أوباما خرج بنفسه أمام بوابة الجناح الغربي لاستقبال الملك سلمان داخل البيت الأبيض». وعلق إيمون جافرز أحد الصحفيين بمحطة «سي إن بي سي» على الحدث قائلاً: «يا خبراء البروتوكولات الرئاسية: هل رأيتم مثل هذا المشهد من قبل؟ الرئيس الأمريكي يخرج لاستقبال الملك سلمان وهو خارج من سيارته من أمام بوابة الجناح الغربي». ومن المعروف أن الرئيس الأمريكي لا يخرج بنفسه لاستقبال زواره الرسميين على البوابة.
الجولة الآسيوية
ماليزيا
أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لماليزيا تم التوقيع على أربع مذكرات تفاهم بين حكومتي المملكة ومملكة اتحاد ماليزيا.
وتم توقيع تلك الاتفاقيات بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – ودولة رئيس وزراء ماليزيا محمد نجيب عبدالرزاق، تم في قصر رئيس الوزراء الماليزي بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.
وتتعلق مذكرة التفاهم الأولى بالتعاون في المجال التجاري والاستثماري، ومذكرة التفاهم الثانية التعاون في مجال العمل والموارد البشرية، والتي سيكون من شأنها تكثيف برامج التدريب وتبادل الخبرات في مجالات السلامة والصحة المهنية والمعلومات والإحصاءات ذات الصلة بسوق العمل في البلدين. كما تتعلق مذكرة التفاهم الثالثة بالتعاون في المجال العلمي والتعليم، التي سيكون من شأنها تمهيد الطريق لمزيد من التعاون في مجالات تبادل المعرفة والخبرة ونقل التكنولوجيا. فيما تعنى مذكرة التفاهم الرابعة، بالتعاون بين وكالة الأنباء السعودية، ووكالة الأنباء الماليزية.
أما فيما يتعلق بالاتفاقيات فقد تم توقيع اتفاقية شراء حصة بين أرامكو السعودية وشركة النفط والغاز الوطنية الماليزية (بتروناس)، مشروع التطوير المتكامل للتكرير والبتروكيماويات (رابد) مجمع بينغيرانغ المتكامل. وتمثل هذه الاتفاقية أهمية كبرى حيث تمثل ركناً إضافياً من أركان التعاون الاقتصادي الوثيق والمتنامي بين البلدين، واستراتيجية المملكة الرامية إلى التوسع في مشروعات التكرير والتوزيع والبتروكيميائيات بما يحقق أكبر قيمة مضافة من صادرات المملكة النفطية، والسعي للتوسع في الأسواق العالمية، ومن ضمنها الأسواق الواعدة في جنوب شرق آسيا ومنها ماليزيا الشقيقة، التي نطمح أيضاً أن تكون منصة للوصول إلى أسواق شرق آسيا.
وكانت لقاءات خادم الحرمين الشريفين قد شهدت عددا من المباحثات البناءة والمثمرة مع رئيس وزراء ماليزيا داتو سري محمد نجيب عبدالرزاق، تم خلالها تبادل وجهات النظر حول سبل تطوير العلاقات الثنائية وتكثيف التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية، كما تم بحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
كما أعلن البلدان عن إنشاء مركز عالمي للسلام يكون مقره ماليزيا باسم (مركز الملك سلمان للسلام العالمي)، وذلك بالتعاون بين كل من مركز الحرب الفكرية بوزارة الدفاع في المملكة ومركز الأمن والدفاع بوزارة الدفاع الماليزية، وجامعة العلوم الإسلامية الماليزية، ورابطة العالم الإسلامي.
إندونيسيا
شهدت محطة خادم الحرمين الشريفين الثانية في إندونيسيا توقيع العديد من الاتفاقيات، وكانت بحضور الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ والرئيس جوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا، تم في قصر إستانة الرئاسي في جاكرتا، التوقيع على إعلان مشترك ومذكرات تفاهم وبرامج تعاون بين حكومتي المملكة وجمهورية إندونيسيا. وقد جرى التوقيع على إعلان مشترك حول رفع مستوى الرئاسة للجنة المشتركة، وقعه من الجانب السعودي معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، ومن الجانب الإندونيسي معالي وزيرة الخارجية ريتنو مارسودي. كما جرى توقيع مذكرة تفاهم بشأن مساهمة الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشاريع إنمائية. وتم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون الثقافي، كما تم توقيع برنامج التعاون في مجال قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كذلك تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الصحية، وجرى التوقيع على مذكرة تفاهم لإطار تشغيلي للنقل الجوي، وأيضاً التوقيع على برنامج تعاون علمي وتعليمي، وتم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية، كما تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال المصائد البحرية والثروة السمكية، وتوقيع برنامج التعاون في المجال التجاري، كما جرى توقيع اتفاق تعاون في مجال مكافحة الجريمة.
سلطنة بروناي
جاءت هذه الزيارة المهمة والتاريخية تجسيداً لعلاقات الأخوة والصداقة المستمرة والتعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، وقد تزامنت هذه الزيارة مع مرور ثلاثين عاماً على إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة بروناي دار السلام والمملكة العربية السعودية. عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وجلالة السلطان الحاج حسن البلقيه محادثات أخوية بناءة تركزت على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتوسيع آفاق التعاون بينهما في المجالات كافة، وخاصة في مجال التعاون التجاري والاستثماري، بما في ذلك البحث عن الفرص الاستثمارية المشتركة بين البلدين. اتفق القائدان على تنشيط الاتفاقية العامة الموقعة بين البلدين التي تشمل المجالات الاقتصادية والاستثمارية والفنية والتعليمية والثقافية والشبابية والرياضية، وعلى أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والشؤون الإسلامية.
أشاد جلالة السلطان حسن البلقيه بالجهود التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين وحكومة المملكة العربية السعودية لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجاج ومعتمرين وزوار، منوهاً جلالته بما يلقاه حجاج بروناي دار السلام من عناية واهتمام. تبادل القائدان الآراء حول القضايا الإقليمية والدولية بما في ذلك آخر المستجدات في الشرق الأوسط واتفق القائدان على تنسيق المواقف في منظمة التعاون الإسلامي والأجهزة المرتبطة بها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، ومصلحة الأمة الإسلامية، كما أكدا على ضرورة نبذ التطرف ومحاربة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وأياً كان مصدره.
اليابان
شهدت زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى اليابان حضور اجتماعات «المجموعة السعودية - اليابانية المشتركة لرؤية 2030»، حيث أسس لهذه المجموعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع خلال زيارته إلى اليابان في سبتمبر 2016. وحرص قطاع الأعمال في اليابان على تحقيق الأهداف الاستراتيجية الاقتصادية والتنموية للرؤية السعودية اليابانية، وذلك لما يملكه الدور الاقتصادي للمملكة من أهمية بالنسبة لليابان، إلى جانب أن ما تملكه اليابان من إمكانات دافع قوي لمزيد من التعاون لتحقيق رؤية المملكة 2030 والبرامج التنفيذية المنبثقة عنها.
وتم خلال هذه الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات بين المملكة واليابان بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ودولة رئيس وزراء اليابان شينزو آبي، في مقر رئاسة وزراء اليابان بالعاصمة طوكيو، حيث تم التوقيع على مذكرات وبرنامج تعاون بين حكومتي المملكة واليابان. وقد جرى التوقيع على مذكرة تعاون في مجال الثورة الصناعية الرابعة، كما تم توقيع مذكرة تعاون بين حكومتي البلدين حول تنفيذ الرؤية السعودية – اليابانية 2030م، وتم توقيع برنامج تعاون لإنجاز الرؤية السعودية اليابانية 2030م في مجال التعاون الثقافي، كما جرى توقيع مذكرة تعاون في شأن تنظيم إجراءات منح مواطني البلدين تأشيرات زيارة، وترتبط البلدان بالعديد من الاتفاقيات في مجال التعليم العالي والبحث العلمي تهدف إلى تشجيع العلاقات العلمية والتعليمية بين المؤسسات الجامعية ومعاهد البحث العلمي.
الصين
شهدت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مزيداً من تطوير وتنمية العلاقات الممتازة بين المملكة والصين، وذلك من خلال العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين البلدين، في مختلف أوجه التعاون، وتعزز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين. كما أن الزيارة تتناغم مع رؤية المملكة 2030، ومع مبادرة الحزام الاقتصادي وطريق الحرير الغربي، وهي فرصة كبيرة لنقل العلاقات بين البلدين إلى فضاء أوسع وأرحب.
وتعد رؤية المملكة 2030 إحدى مرتكزات الدبلوماسية السعودية، وتسعى الصين دائماً الى تقديم المساهمة بشكل فاعل، ومن أبرز المشروعات المشتركة التي تتناغم مع “الرؤية” مبادرة الحزام الاقتصادي وطريق الحرير، والمملكة هي حجر الأساس فيما يتعلق بطريق الحرير الغربي، لأن المملكة العربية السعودية تمتلك موقعاً استراتيجياً بين القارات الثلاث (آسيا وأفريقيا وأوروبا)، وهي ميزة إضافية لأن تكون شريكاً مهماً جداً للصين من خلال عدد كبير جداً من المشروعات التي تتماشى مع رؤية المملكة 2030.
وتسعى الصين إلى تطوير تعاونها مع المملكة سواء في مشروعات الطاقة النووية أو مشروعات الطاقة المتجددة (الشمس والرياح)، كما أن الصين تشارك المملكة في العديد من مشروعات الطاقة المشتركة سواء في التنقيب أو الإنتاج ومنها مشروعات استكشاف الغاز.
والصين تبذل جهودها كافة لتنمية العلاقات مع المملكة وفق رؤية المملكة 2030، ومبادرة الحزام والطريق. ونتج عن تلك العلاقات تشكيل اللجنة السعودية الصينية رفيعة المستوى التي يرأسها من الجانب السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وتعمل هذه اللجنة على تحقيق التكامل بين رؤية المملكة 2030، ومبادرة جمهورية الصين الشعبية «الحزام والطريق»، وتكون شراكة استراتيجية ناجحة حيث تمتلك المملكة كل مقومات النجاح، كما تمتلك موقعًا جغرافيًا مميزًا سيكون الأثر المميز على تنمية العلاقات التجارية وتقديم خدمات الدعم اللوجستي والبنية التحتية.
وشهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وفخامة الرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة الصينية بكين، توقيع مذكرات تفاهم وتعاون وبرامج بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية. وقد جرى توقيع مذكرة تفاهم للإطار العام لفرص الاستثمار الصناعي والبنى التحتية، ووقع البلدان مذكرة تفاهم بشأن تمويل وإنشاء محطات الحاويات والبنى التحتية لمركز الخدمات اللوجستية المتعددة بمدينة ينبع الصناعية، كما جرى توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي للاستثمار في مشروعات متعددة، وتم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بشأن مشاركة المملكة في رحلة الصين لاستكشاف القمر (تشانق إي ـ 4)، كذلك تم توقيع اتفاقية شراكة لتصنيع الطائرات بدون طيار، وجرى توقيع مذكرة تفاهم بشأن قائمة مشروعات التعاون في الطاقة الإنتاجية، كما تم التوقيع على برنامج تعاون تنفيذي بين هيئة الإذاعة والتلفزيون في المملكة والهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون والإعلام والنشر بجمهورية الصين الشعبية، وكذلك التوقيع على برنامج تعاون في المجال التجاري والاستثمار، وتم توقيع مذكرة تعاون في المجال التعليمي، كما تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال العمل، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في الشؤون التنظيمية للأمان النووي للاستخدامات السلمية للتكنولوجيا النووية، وكذلك تم التوقيع على اتفاقية عمل دراسة جدوى لمشاريع المفاعل النووي عالي الحرارة المبرد بالغاز بالمملكة العربية السعودية، ووقعت أيضاً مذكرة تفاهم للتعاون في مجال رواسب اليورانيوم، والثوريوم، كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون في مجال ضمان ائتمان الصادرات.
الجولة الخليجية
بدأ خادم الحرمين جولته الأخوية من الإمارات فالبحرين لينهيها في الكويت، حيث طغى على تلك الزيارات الطابع الأخوي وانتزع عنها أجواء الزيارات الرسمية، وهذا دليل على مدى الترابط بين الشعوب الخليجية وقادة دولهم.
جولة الملك شهدت بحث العلاقات وتقويتها في المجالات كافة، وكذلك القضايا الإقليمية والدولية، وسبل مواجهة الأخطار التي تحيط بالمنطقة، والقضايا الإسلامية في العالم إلى جانب تناول التغيرات الحديثة عالمياً وسبل مواجهتها بصوت واحد وقوة واحدة.
وتُعد هذه الجولة للدول الخليجية هي الأولى منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الحكم في يناير 2015 ناجحة بكل المقاييس.
البداية من الإمارات
بدأت الجولة بزيارة الإمارات العربية المتحدة، لتتزامن مع احتفالاتها بعيدها الوطني الـ45، ومشاركة شعب الإمارات بحضور «مهرجان زايد الثقافي» في منطقة «الوثبة» حيث كان يهدف المهرجان إلى تعزيز روح الاتحاد وتعريف الأجيال برؤية أجدادهم المؤسسين كما يضم المهرجان عدداً من المرافق التراثية التي تمثل مختلف دول الخليج، كإحدى فعاليات الاحتفال والاستقبال الحاشد من قِبل القبائل الإماراتية، وما له من دلالات على أهمية العلاقات بين البلدين وتوافق مواقفهما إزاء مختلف الملفات والقضايا، وقد ظهر مدى متانة وقوة التعاون الإماراتي السعودي في قوات «التحالف العربي في اليمن».
وسام زايد
قلد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، «وسام زايد»، الذي يُعد أعلى وسام في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، إن ولي عهد أبو ظبي منح الملك سلمان الوسام «تقديراً وعرفاناً بدوره المحوري في تعزيز التعاون الأخوي بين البلدين، ودعم العمل الخليجي والعربي المشترك».
واختتم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز زيارته للإمارات التي استمرت يومين بجولة في دبي، اطلع خلالها على جانب من معالم دبي التاريخية التي تعكس أصالة المجتمع الإماراتي وارتباطه بثقافته الخليجية والعربية، بالإضافة إلى زيارته لـ «بيت الشيخ سعيد آل مكتوم» الذي استهل به جولته في دبي وهو البيت الذي تم بناؤه في العام 1896 في منطقة الشندغة، وكان مقراً لعائلة آل مكتوم حتى عام 1958، متجهاً إلى محطته الثانية - حفظه الله ورعاه - بجولته الخليجية.
زيارة البحرين
بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز زيارته لمملكة البحرين الشقيقة حيث ترأس الملك سلمان وفد السعودية في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الـ37، التي استضافتها العاصمة البحرينية المنامة وبعد انتهاء فعاليات القمة الخليجية بدأ خادم الحرمين الشريفين زيارته الخاصة بمملكة البحرين.
القمة الخليجية
ترأس الملك سلمان وفد السعودية في قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رقم 37، التي استضافتها العاصمة البحرينية المنامة، يومي 6 و7 ديسمبر 2016، والتي خرجت بقرارات وتوصيات ومشاريع طموحة، تعزز العمل الخليجي المشترك في المجالات كافة، ولا سيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وحماية الأمن القومي الخليجي ومجابهة الموقف الإيراني المعادي لدول الخليج، ووقف تدخلاتها في الشؤون الداخلية الخليجية وفي اليمن والعراق وسوريا.
وسام الشيخ عيسى
قلّد ملك مملكة البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة؛ تقديرًا لخادم الحرمين الشريفين، ولجهوده وإسهاماته الجليلة.
كما أسفرت هذه الزيارة عن اتفاق الملك «سلمان»، والملك «حمد بن عيسى آل خليفة»، على إجراء دراسة مشروع جسر الملك حمد موازياً لجسر الملك فهد، ليربط مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية بتمويل من القطاع الخاص.
زيارة الكويت
وبعد اختتام أعمال القمة، قام الملك «سلمان»، بزيارة الكويت مختتمًا جولته الخليجية، وناقش الطرفان سبل توطيد العلاقات البينية الخليجية، بما يخدم مصالحها المشتركة، ويحقق تطلعات وطموحات شعوب المجلس نحو التقدم والتطور والازدهار، وتباحثا أيضًا في مسألة استئناف استخراج النفط من حقل «الخفجي» المشترك الواقع في المنطقة المحايدة بين البلدين. وعاشت الكويت ثلاثة أيام من الفرح والسعادة إثر الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين للدولة وحظيت الزيارة بدءًا من وصول الملك باهتمام كبير على المستويين الرسمي والشعبي.
استقبال رسمي وشعبي
استعدت الكويت لوصول خادم الحرمين الشريفين باستقبال رسمي مهيب وفرح شعبي عارم، وتهانٍ في الشوارع بلوحات ترحيبية إلى جانب الأحاديث في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتي تصدّرها الحديث عن الزيارة التاريخية.
قلادة مبارك الكبير
وقلد أمير الكويت الملك سلمان قلادة مبارك الكبير ووسام الكويت، تقديراً له ولما يبذله من جهود مميزة من أجل استقرار المملكة وأمنها وتقدمها وتعزيز أواصر الأخوة والتفاهم بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وتم استقبال خادم الحرمين الشريفين وأمير الكويت، بحفاوة بالغة من جانب الحضور، وتخلل الحفل استعراض فيلم وثائقي عن العلاقات الكويتية - السعودية، بعنوان «العزم واحد»، إلى جانب مشهد تمثيلي شارك فيه العديد من الممثلين من بينهم سعاد عبد الله وناصر القصبي، وكذلك قدم الفنانان عبد الله الرويشد ومحمد عبده أغنية عن العلاقات الثنائية بين البلدين أمام الأمير وخادم الحرمين الشريفين اللذين أديا مع بعض «العرضة» في مشهد جميل رسما من خلاله لوحة فنية رائعة وجوًا من البهجة والارتياح.
مصر
اكتسبت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى مصر، أهمية اقتصادية استثنائية، فقد شهدت توقيع اتفاقيات ضخمة وبرامج تعاون بين الرياض والقاهرة.
ووقعت الجهات المختصة في البلدين، خلال الزيارة، 36 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تتجاوز 22.65 مليار دولار، مما يؤكد على أهمية الشراكة الاستراتيجية المستدامة بين البلدين.
كما أعلن خادم الحرمين، خلال الزيارة التي وصفها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ»التاريخية» عن اتفاق لإنشاء جسر بين السعودية ومصر، اقترح الأخير تسميته «جسر الملك سلمان بن عبد العزيز».
ووقعت الحكومة السعودية والمصرية 24 اتفاقية، وتسع مذكرات تفاهم وثلاثة برامج للتعاون، بجانب الإعلان عن تأسيس بعض الشركات المشتركة لتطوير مناطق اقتصادية في قناة السويس ولتنمية الصادرات.
ومن أبرز الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، إنشاء صندوق استثمار مشترك بقيمة 60 مليار ريال (16 مليار دولار)، وإنشاء منطقة اقتصادية حرة ومشروعات إسكان وكهرباء وطرق وزراعة في سيناء من أجل تنميتها.
وركزت أغلب الاتفاقيات ومذكرات التفاهم على تنمية سيناء، ومن بين المشاريع المخصصة لشبه جزيرة سيناء، إنشاء جامعة بمدينة الطور بقيمة 250 مليون دولار، وتشييد 9 تجمعات سكنية بقيمة 120 مليون دولار، حسب ما ذكر مسؤول مصري في وقت سابق.
وتضمنت الاتفاقيات أيضا تمويل مشروع محطة كهرباء غرب القاهرة بقيمة 100 مليون دولار، لإضافة وحدة توليد بخارية بقوة 650 ميغاوات، ومشروع تطوير مستشفى القصر العيني بالقاهرة بقيمة 120 مليون دولار.
الأردن
تم خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والملك عبد الله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية في قصر الحسينية بالعاصمة الأردنية عمّان، توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية وعقود بين حكومتي المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية.
فقد جرى التوقيع على مشروع اتفاقية في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها، كما تم التوقيع على مشروع برنامج تنفيذي في مجال الشؤون الاجتماعية، والتوقيع على مشروع برنامج تنفيذي في مجال الثقافة، كما تم توقيع مشروع مذكرة تفاهم في مجال الخدمات البريدية للحجاج والمعتمرين بين مؤسسة البريد السعودي ونظيرتها في الجانب الأردني، وكذلك تم التوقيع على مشروع مذكرة تفاهم في مجال الإسكان، بالاضافة الى التوقيع على مشروع اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات.
وتم ايضاً توقيع مشروع اتفاقية قرض إعادة إنشاء وتأهيل الطريق الصحراوي (عمان - العقبة) وقيمة القرض (000ر750ر393) ريال. كما تم التوقيع على مشروع عقد البحث والتطوير في مشروع تعدين خدمات اليورانيوم في منطقة وسط الأردن.
وتم التوقيع على مشروع مذكرة تفاهم لدراسة الجدوى الاقتصادية لبناء مفاعلين بتقنية المفاعل ذي الوحدات المدمجة الصَّغيرة في المملكة الأردنية الهاشمية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه.
وجرى كذلك التوقيع كذلك على عقد تأسيس شركة استثمار سعودية - أردنية للقيام باستثمارات في الأردن قد يصل حجمها إلى (000ر000ر000ر3) ثلاثة مليارات دولار، وكذلك مشروع مذكرة تفاهم وتعاون إخباري بين وكالة الأنباء السعودية ووكالة الأنباء الأردنية، وقعه من الجانب السعودي معالي رئيس وكالة الأنباء السعودية الاستاذ عبد الله الحسين، ومن الجانب الأردني مدير عام وكالة الأنباء الأردنية فيصل الشبول.
كما تم توقيع اتفاقيات ومذكرات للقطاع الخاص تشمل مدينة العلاج والتأهيل الطبي في الرياض، وقعها العضو المنتدب للشركة العربية للإدارة خالد بن جوهر الجوهر، ورئيس هيئة المديرين بالمستشفي التخصصي رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الأردنية الدكتور فوزي يوسف الحموري، وشركة سعودية - أردنية في مجال تطوير الخدمات الطبية، وقعها رئيس مجلس إدارة شركة «ون ألفا» التجارية الاستاذ حامد بن إدريس الفلقي، ورئيس مجلس إدارة مجموعة «لوميير» الطبية الدكتور لؤي محمد حماد، ومشروع الريشة لتطوير وبناء وتشغيل محطة شمسية بقدرة 50 ميجا وات، التي تقع على الحدود الشرقية للأردن، وقعه المدير العام «لأكواباور» محمد بن عبد الله أبو نيان، ومدير الشركة الوطنية للكهرباء.
قلادة الشريف الحسين بن علي
كما قلَّد جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (قلادة الشريف الحسين بن علي) التي تعد أرفع وسام في المملكة الأردنية الهاشمية التي تمنح لملوك ورؤساء الدول.