«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
تمثل وزارة الحرس الوطني أحد المكتسبات الوطنية الشامخة التي صنعت حضوراً مميزاً على امتداد صفحات التاريخ. وتتسامى مع أبعاد نمو البذرة المباركة التي زرعها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حينما أمر بإنشاء مكتب للجهاد والمجاهدين وفاءً للرجال الذين ساهموا معه في مسيرة التوحيد وبناء الدولة، ليكون بمثابة نواة للحرس الوطني ترعرعت ونمت وسط اهتمام متوارث من ملوك المملكة العربية السعودية لتواكب عصور النهضة والتطور والازدهار منذ التأسيس حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-.. ليكون الناتج صرحاً حضارياً في خدمة الوطن والمواطن. وبين الأمس واليوم.. تتجلى بوضوح أهم مراحل المسيرة الخالدة لوزارة الحرس الوطني.. خلال فترة القفزة التاريخية عقب تولي الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- رئاسة الحرس الوطني في عام 1382هـ، حيث أطلق هذا المشروع الوطني الكبير في جميع المجالات العسكرية والحضارية والاجتماعية والصحية والثقافية، معتمداً على الإنسان السعودي ليكون المحرك والأساس والهدف في إحداث هذه النقلة الكبرى والتحول المرحلي الشامل لهذه المؤسسة، فأنشئ المدارس والمعاهد والمدن السكنية والمستشفيات، واستقطب أحدث الأسلحة، وأنشئ المؤسسات التعليمية الحديثة المواكبة للعصر، ليتحقق للحرس الوطني، بفضل الله جل وعلا ثم برعايته ودعمه رحمه الله الكثير من الإنجازات والنجاحات الباهرة على مختلف الأصعدة منذ ذلك العهد حتى وقتنا الراهن.
جهود متواصلة.. ودورٌ قياديٌّ.. من قلب رجل مخلص ومحب.. كانت السمة الأبرز للنهضة التي أحدثها الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يرحمه الله- في الحرس الوطني ليسهم في تحوله من وحدات تقليدية إلى قوة عسكرية عصرية تدافع عن الوطن وتسهم في تنمية ورعاية أبنائه بصورة حضارية. ويظل باب الوفاء للآباء والأجداد مفتوحاً على مصراعيه في الحرس الوطني، حيث طُورت أفواج الحرس الوطني بزيها وتسليحها ومهامها الخاصة كدلالة على رمز جيل المجاهدين الذين ساهموا في توحيد المملكة رغم تشكيل قوات القتال الرئيسية ووحدات الأسلحة المشتركة الحديثة ممثلة في ألوية المشاة الآلية والألوية الأمنية ومنظومة طيران الحرس الوطني والدفاع الجوي والوحدات المساندة لها. كما تفخر قوات وزارة الحرس الوطني بالذود عن حدود الوطن بكل قوة وبسالة وأداء مهامها إلى جانب بقية القوات العسكرية في وزارة الدفاع ووزارة الداخلية، حيث تشارك قوات الحرس الوطني بعاصفة الحزم وإعادة الأمل، وذلك بالتنسيق مع وزارة الدفاع ووزارة الداخلية للدفاع عن حدود الوطن وحمايته والحفاظ على أمنه واستقراره، حيث تضطلع وزارة الحرس الوطني بدورها الحضاري في تحقيق تطلعات قيادتنا الرشيدة، حيث تسعى لمساهمة فعالة كمحور ثابت في أهم المشروعات الوطنية الطموحة والمبشرة بمستقبل زاهر لاسيما بعد صدور الأمر الملكي الكريم عام 1432هـ بتحويلها إلى وزارة وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزيراً لها.
تهيئة شباب الوطن
وتبذل وزارة الحرس الوطني دوراً كبيراً في تهيئة شباب الوطن لخدمة بلدهم من خلال تخريج أعداد كبيرة من الكوادر العسكرية والطبية والصحية عبر صروحها العلمية والأكاديمية والتدريبية مثل جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية التي تمثل نقلة نوعية متقدمة في التعليم الطبي من خلال فروعها الثلاثة لكل من الرياض وجدة والأحساء، وتساهم بمد القطاع الصحي في المملكة بالكوادر الصحية المؤهلة تأهيلاً عالياً، كما تعد كلية الملك خالد العسكرية أحد الصروح العلمية العسكرية الرائدة كونها الشريان الرئيسي لتخريج الضباط المؤهلين علمياً وعملياً بما يغطي احتياجات الحرس الوطني المختلفة، وكلية القيادة والأركان التي ستفتتح قريباً -بمشيئة الله- والتي تعتبر أهم المكتسبات العلمية والأكاديمية العسكرية المجهزة بأحدث الوسائل والبرامج التعليمية والتدريبية.
قرية التدريب الشعبية
وتشكل قرية التدريب الأمنية بخشم العان التي افتتحها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني العام الماضي أحدث منشآت وزارة الحرس الوطني العصرية، وتضم مرافق وخدمات تدريبية ومساندة، حيث يتم تأهيل وتدريب منسوبي الحرس الوطني على درجة عالية من الكفاءة وإتقان التدريب في ظل مراحل التطوير المستمر.
خدمة الحجاج
وتشارك وزارة الحرس الوطني بجهود كبيرة في كل عام في الحفاظ على أمن الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام، حيث تسخر طاقاتها كافة لنيل شرف العمل على راحة ضيوف الرحمن.
الجنادرية
ومن شرفة الثقافة.. تطل وزارة الحرس الوطني على العالم بشموخ من خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية).. وتشرّفت الوزارة بالرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-
للمهرجان ليجسد مدى اهتمام حكومتنا الرشيدة به الذي أصبح ظاهرة حضارية ثقافية يمثل النسيج الوطني السعودي.
العمل الاجتماعي
وعلى الصعيد الاجتماعي، فإن لوزارة الحرس الوطني دوراً ريادياً حضارياً من خلال المشروعات الطموحة والموجهة للمجتمع، وتقف المدن السكنية العملاقة في مختلف أنحاء المملكة شاهداً على هذه الرسالة السامية لهذا الصرح تجاه منسوبيه من خلال توفير مقومات الحياة الكريمة، لتمكينهم من القيام بأدوارهم العملية على الوجه الأكمل، وذلك من خلال تهيئة المسكن الملائم للمنسوبين من الضباط والأفراد في مختلف المناطق التي يتواجد بها الحرس الوطني، حيث صممت مساكن الضباط والأفراد بشكل يلبي الاحتياجات كافة ويتواكب مع متطلبات الأسرة.
الإسكان.. والصحة
وتراعي وزارة الحرس الوطني في المدن السكنية الجديدة أن تكون ذات طابع مميز في التخطيط والبناء واكتمال المرافق التعليمية والصحية لتكون المدن السكنية بالحرس الوطني أنموذجاً حضارياً رائداً طبياً.. تحتل الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني مكانة مميزة من خلال العديد من المدن الطبية المتكاملة، كمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني في الرياض وجدة وما تضمه من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة كان آخرها مستشفى الملك عبدالله بن عبدالعزيز التخصصي للأطفال بالرياض الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- ويعد مركزاً عالمياً يشار إليه بالبنان، وتتسع رقعة اهتمام وزارة الحرس الوطني بالقطاع الصحي من خلال إنشاء العديد من المدن الطبية والمستشفيات في مختلف مناطق المملكة لتعم الفائدة أرجاء الوطن كمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بجدة، ومستشفى الملك عبدالعزيز في الأحساء، ومستشفى الإمام عبدالرحمن الفيصل بالدمام، ومستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة، إلى جانب المشروعات الجديدة في المناطق التي تتواجد فيها قطاعات ووحدات الحرس الوطني في المملكة، ومنها مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال بجدة ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية بالرياض، ومشروع مستشفى الملك سلمان التخصصي بالطائف، ومستشفى الحرس الوطني بالقصيم بالإضافة إلى مراكز العيادات التخصصية الشاملة بالحرس الوطني.
وستظل بصمة التميز التي حققتها مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في عمليات فصل التوائم السياميين ماثلة أمام العالم بأسره عطفاً على الدور الريادي البارع في مجال الفصل والرعاية الصحية. حفظ الله بلادنا وأدام عليها نعمة الأمن والأمان في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله وأدام الله عزّ هذا الوطن الغالي، وإلى مزيد من الرقي في دروب المجد.