د. ناصر بن علي الموسى
بمناسبة الاحتفال والاحتفاء باليوم الوطني السابع والثمانين للمملكة العربية السعودية، فإنه يسعدني ويشرفني أن أشارك إخواني وأخواتي المواطنين والمقيمين على أرض هذا الوطن الغالي في التعبير عن شيء مما يجول في الخاطر تجاه سمو قيادتنا، ونبل شعبنا، وتطلعات أحبائنا من ذوي الإعاقة، واسمحوا لي أن أستهل حديثي بالتأكيد على أمر غاية في الأهمية هو أن الله - سبحانه وتعالى - قد حبا بلادنا الحبيبة (المملكة العربية السعودية) نعماً كثيرة عظيمة تتفرد بها على سائر بلاد الأرض، يأتي في مقدمتها نعمة تطبيق أحكام شرع الله القويم وشرف خدمة الحرمين الشريفين، ثم نعمة القيادة الحكيمة الواعية الرشيدة التي اتسمت بسمو مكانتها، وعلو همتها، وصدق أقوالها وأفعالها عبر تاريخها، ونذرت نفسها ووقتها وجهدها في سبيل خدمة الدين والوطن والمواطن، وكذلك نعمة الشعب الأصيل النبيل الذي أثبت مع الأيام أنه كلما نعق الناعقون، وأرجف المرجفون، وتربص المتربصون، فإن ذلك كله يزيده حباً لقيادته، والتفافاً حولها، والتحاماً معها، ووفاءً لمواقفها، ودعماً لتوجهاتها.
وفي كل عام تطل علينا الذكرى المجيدة لليوم الوطني للمملكة التي تحتفل هذه الأيام بيومها الوطني السابع والثمانين، ويظل اليوم الأول من الميزان من عام 1351هـ محفوراً في ذاكرة التاريخ، ومكتوباً على جبين الدهر، ومغروساً في قلوب البشر بمملكة العطاء المستمر.
وكيف لا ؟! وهو اليوم الذي وحد فيه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - شتات هذه البلاد، وحول الفوضى والفرقة والتناحر إلى وحدة وانصهار وازدهار.
واليوم الوطني هو ذكرى عطرة، ومناسبة خالدة، ووقفة عظيمة نعيش من خلالها عبق الماضي، ونشخص أوضاع الحاضر، ونستشرف آفاق المستقبل، ونستلهم العبر والدروس من القصص البطولية التي سطرها مؤسس هذه البلاد رحمه الله.
والجميع يعلم أن هذا اليوم هو تتويج لكفاح طويل قاده الملك عبد العزيز في سبيل توحيد هذه البلاد عسكرياً وسياسياً، وهو كذلك انطلاقة لمسيرة الخير والعطاء، والبناء والنماء، والتعمير والتطوير التي بدأها - طيب الله ثراه -، وواصل إكمال فصولها من بعده أبناؤه البررة: (الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبد الله) يرحمهم الله.
ويأتي عهد الملك سلمان - يحفظه الله - تاجاً على صدر الزمان، حيث بلغ الإنجاز فيه أسمى مراتبه، ووصل الإبداع إلى أعلى درجاته، وهو عهد العزم والحزم، والتطور والتحضر؛ ذلك أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يُعد قائداً استثنائياً آتاه الله الحكمة والذكاء، والعمق في التفكير، وبُعد النظر، وسرعـة البديهة، والقدرة على العزم والحزم والحسم في المواقف المهمة، كما أنه - أيده الله - يحمل رصيداً هائلاً من الخبرات السياسية والإدارية والاقتصادية، ويمتلك سجلاً حافلاً من النشاطات العلمية والثقافيـة والاجتماعية والإنسانية، وهو متخرج في مدرسة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه.
وقد كان - يحفظه الله - ركناً أساساً من أركان الحكم منذ عهد المؤسس حتى تولى مقاليد الحكم في المملكة، وكان دائماً الساعد الأيمن لإخوته الملوك الذين تعاقبوا على الحكم في المملكة، وذلك من خلال الرأي السديد، والفعل الأكيد، والفكر الأمين، والعلم الرصين، والمشورة الصادقة، والمؤازرة الواثقة، وهو رمز الوفاء والتعاون والإخاء، وصاحب المهمات العظيمة، والمبادرات الكريمة، والإنجازات الكبيرة، والأعمال الكثيرة، والنشاطات الخلاقة، والمشروعات العملاقة، وهو الذي وجه باستثمار طاقات الشباب وإمكاناتهم، فجاءت قيادة شابة تمتلئ بالنشاط والحيوية والتفوق والتألق، وتتسم بالجد والاجتهاد والتفاني والإخلاص، وهـي تتمثل - في أبهى صورها - فـي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، فهو - يحفظه الله - متخرج في مدرسة سلمان بن عبد العزيز، وهو مهندس رؤية المملكة (2030)، وأستاذ برنامج التحول الوطني (2020) وغيره من البرامج التحولية الحالية والمستقبلية، ورائد أفكار التحديث والتجديد والتعمير والتطوير على مختلف المستويات، وفوق هذا كله، فهو حامل لواء الدفاع عن أرض الوطن بما في ذلك من مهام جسام ومسؤوليات عظام.
وقد عرف سموه الكريم بحبه للعلم والعلماء، وأبدى - منذ سني عمره الأولى - اهتماماً بالغاً بالعمل الخيري حتى أنه أسس مؤسسة خيرية تحمل اسمه هي مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك الخيرية)، كما أنه يرأس مجلس إدارة مركز الملك سلمان للشباب، بالإضافة إلى أنه يقوم بأعمال أخرى مهمة سيسجلها له التاريخ بأحرف من نور، وهو يعمل ليل نهار في سبيل خدمة الدين والمليك والوطن والمواطن في ظل توجيهات قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع يحفظهما الله.
وفي هذا العهد الزاهر أصبحت المملكة العربية السعودية تضطلع بدور قيادي ريادي متميز متنام في المجالات: الدينية والسياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية، مما جعلها محطاً لأنظار العالم ومزاراً لقادته.
وفي أجواء الفرحة الغامرة، والأحاسيس الجياشة، والمشاعر الفياضة التي تعيشها بلادنا هذه الأيام، وفي إطار العناية والرعاية والاهتمام والدعم غير المحدود الذي يحظى به ذوو الإعاقة من لدن قيادتنا الحكيمة منذ تأسيس هذا الكيان العظيم على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه - حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله -، فإننا نحن ذوي الإعاقة، وأولياء أمورهم، والعاملين معهم نتطلع إلى لفتة كريمة من مقام خادم الحرمين الشريف الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أولى ذوي الإعاقة اهتمـاماً غير مسبوق تجلى في تأسيسه - يحفظه الله - لمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، وجائزة الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، بالإضافة إلى دعمه المستمر للنشاطات والمشروعات والبرامج والمبادرات الرامية إلى النهوض بمستوى الخدمات المقدمة لتلك الفئات، وذلك بالالتماس إلى مقامه السامي أن يتفضل بإصدار أمره الكريم بإنشاء الهيئة العامة لذوي الإعاقة التي نصت عليها المادة العاشرة من (نظام حقوق ذوي الإعاقة)، المرفوع إلى مقامه الكريم.
وتختص هذه الهيئة برسم السياسة العامة في مجال الإعاقة، وتنظيم شؤون ذوي الإعاقة، وضمان جودة الخدمات المقدمة لهذه الفئات.
وينبغي التأكيد هنا على أن الهيئة المقترحة لن تكون راعية، وإنما ستكون هيئة داعمة، وهذا يعني أنها لن تعمد إلى افتتاح مستشفيات ومراكز ومدارس مستقلة خاصة بها، وإنما ستقوم بتحسين وتطوير البرامج والخدمات والنشاطات التي تقدمها القطاعات الحكومية والأهلية والخيرية، والعمل على الارتقاء بمستواها كماً ونوعاً، وسوف تصبح هذه الهيئة مرجعية أساسية لمتابعة العمل، ومراقبة الأداء، وتقويم الأدوات، وتجويد المخرجات، وتفعيل المنتج النهائي في مجال الإعاقة.
وجدير بالذكر أن الهدف الرئيس من إنشاء هذه الهيئة هو الإسهام في تحويل مجتمعنا السعودي الحبيب إلى بيئات صديقة لذوي الإعاقة يتمتعون فيها بكامل حقوقهم، ويحصلون على أفضل الخدمات المقدمة لهم، ويتمكنون من إبراز إمكاناتهم وقدراتهم، ويتحولون من فئات مستهلِكة إلى فئات منتجة تسهم في النهوض والرقي والتقدم في هذا الوطن الغالي.
وفي الختام ندعو الله - سبحانه وتعالى - أن يحفظ بلادنا، وأن يحفظ عليها أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لها قيادتها الحكيمة الواعية الرشيدة كي تواصل مسيرة الخير والعطاء والنماء، كما ندعوه - جلت قدرته - أن يحفظ جنودنا البواسل المرابطين على حدود المملكة عامة، والحد الجنوبي على وجه الخصوص، وأن يشفي جرحاهم، ويرحم موتاهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.