هنا في بلاد الحرمين الشريفين ديار المقدسات والبلد الأمين؛ بلاد العزم والحزم، يمكن أن يعيش المرء آمنًا على دينه ونفسه وعرضه وماله وذويه، هنا نحن بين يدي وناظري قيادة عادلة حكيمة تسير على خطى السلف الصالح في نشر الفضيلة وإحكام الشرع المطهر وتدعو إليه، هنا إن كنت مواطنًا أو مقيمًا لا تخاف أحدًا إلا الله سبحانه وتعالى، تلك والله نعمة عظيمة ننعم بها بفضل الله عزّ وجلّ، ثم بفضل القيادة الحكيمة لملك العزم والحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين وحكومتهما الرشيدة الذين يبذلون النفس والنفيس في سبيل توفير الأمن والأمان والرخاء لأبناء هذا الوطن، لقد دأبت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الموحد الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه- على رسم طريق مستقيم لا تحيد عنه أبدًا، دستورها كتاب الله وسنّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما جعل منهجها واضحًا لا لبس فيه، إِذ أخذت على عاتقها مسؤولية نشر الأمن والسلام وتعريف العالم بسماحة الإسلام ونبذه للعنف.
جهود متواصلة
جهود المملكة وقادتها منذ تأسيسها وحتى الآن في تحقيق الأمن ومحاربة ما يهدده من إرهاب داخليًا وخارجيًا، ودعم كل الجهود والقرارات الدولية في التصدي له جلية واضحة لا تخطئها العين المنصفة، وبقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي جمع بين القوة والأمانة؛ وهما أهم خصلتين فيمن يتولى مسؤولية الحكم في البلاد، الذي يقود دفَّة سفينة الوطن وسط أمواج عاتية وفتن تمور بها بعض الدول المتاخمة؛ تواصل المملكة جهودها الحثيثة وباقتدار ومهارة قل نظيرهما، فنجح -أيده الله- ببسط جناح الأمن والطمأنينة في ربوع المملكة، وفي نفوس أبنائه وإخوانه المواطنين، وتأتي رعايته لدراسة الأمن الفكري الذي تبنته جامعة الملك سعود ممثلة في كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز في سياق اهتمامه -حفظه الله- بتعزيز معاني الوسطية والاعتدال، وتنمية قيم التسامح الديني ونشر ثقافة الحوار ونبذ العنف، ووضع ملامح الإستراتيجية الوطنية للأمن الفكري.
فالأمن يظل حلم كل الشعوب والأمم، من أجله تسن التشريعات والقوانين والأنظمة، وتستحدث الأجهزة المسؤولة عن تحقيق هذه الغاية العزيزة، التي لا تهنأ الحياة بدونها، ولا يطيب مطعم أو مشرب أو نجاح إذا غابت، أو تعرضت لما يعكر صفوها، أو يهدد دعائمها، والأمن بكل تقسيماته
وتفريعاته من الضرورات التي كفلتها الشريعة الإسلامية للناس جميعًا، ووضعت العقوبات الرادعة لمن يسعى إلى الإخلال به، لهذا يشدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بشكل متواصل على أهمية استقرار الوطن ووحدته التي يرى أنها صمام الأمان بعد الله، وعدم سماحه بأي حال من الأحوال لما يشكل تهديدًا للوحدة الوطنية وأمن المجتمع.
تطبيق حد الشرع
ومن أجل استتباب الأمن في المجتمعات جاءت الشريعة الغراء بالعقوبات الصارمة، وحفظت للأمة في قضاياها ما يتعلق بالحق العام والحق الخاص، بل إن من المقرر شرعًا قطع دابر الفتنة، وقطع الوسائل الموصلة إليها، وما ذاك إلا من باب سد الذريعة المفضية إلى التهاون بالحدود والتعزيرات، أو التقليل من شأنها أو تعطيل أحكامها، وهذه البلاد المباركة منذ تأسيسها وهي تستمد أحكامها من الكتاب والسنة، وعلى ذلك تعاهد قادتها دون هوادة لإيمانهم بأن تطبيق شرع الله في البلاد هو عنوان أمنها واستقرارها امتثالاً لأمر الله ورسوله، ولهذا نرى أن أحكام الشرع تطبق بالمملكة على الجميع دون تفرقة أو تمييز، كما نرى حرص القيادة الحكيمة على تطبيق أحكام الشرع على فئات خرجت على إجماع الأمة بسعيها لإرهاب وإخافة الآمنين وإلحاق الضرر بهم، مما أكَّد عزمها على التعامل بحزم ضد كل من تسول له نفسه استباحة أرواح الآمنين والعبث في مقدرات البلاد، وهي حين تفعل ذلك داخل البلاد فهي لم تأل جهدًا للعمل من أجل نبذ العنف والإرهاب الدولي بكل السبل وسارعت للحث على فعل كل ما من شأنه اقتلاع هذه الآفة.
الحرب على الإرهاب
وتستمر المملكة بقيادة الملك سلمان بجهودها لتحقيق الأمن على المستويين الدولي والعربي وتعزيز التعاون بين كل الدول والشعوب وقطع مصادر تمويل ودعم الجماعات الإرهابية وتفعيل الآليات الدولية بهذا الشأن، والمملكة العربية السعودية من أكثر من تأذى وتضرر من الإرهاب، وعانت مثلها مثل عديد من دول العالم من العمليات الإرهابية وتعاملت معها بصرامة وجدية بمساندة شعب المملكة الواعي الوفي بوقوفه صفًا واحدًا مع القيادة في محاربة هذه الظاهرة الدخيلة على الوطن، وتعاملت المملكة أمنيًا مع الظاهرة بشمولية لقطع دابرها وسبل تمويلها.
وتعد المملكة أول دولة وقعت على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي في منظمة المؤتمر الإسلامي عام 2000م، كما أنها من دعت إلى إنشاء المركز العالمي لمكافحة الإرهاب ضمن مبادراتها الكثيرة، ودعمته بمائة مليون دولار، ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وأسهمت المملكة بمبلغ عشرة ملايين دولار لتمويل تأسيسه، وقامت باستضافة المؤتمر العالمي لمكافحة الإرهاب بمدينة الرياض عام 2005 بعنوان (الإسلام ومحاربة الإرهاب) بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية، إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أتت واحدة من أكبر المبادرات الدولية والإسلامية في مكافحة هذه الآفة بتشكيل التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة المملكة، وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره، وتبنت المملكة تشكيل تحالف إسلامي من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، وأنشأت «مركز الحرب الفكرية» بوزارة الدفاع، فضلاً عن استضافتها أعمال الاجتماع الإقليمي في جدة الذي خصص لبحث موضوع الإرهاب في المنطقة، ومشاركتها كذلك مع التحالف الدولي بطائراتها وطياريها في محاربة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا، وجاء هذا الجهد وغيره ضمن مسؤولية المملكة كشريك مهم ضمن دول العالم في مواجهة التنظيمات الإرهابية، وفي إطار جهود المملكة لمكافحة الإرهاب فقد انضمت المملكة إلى عدد من المعاهدات الإقليمية في مجال مكافحة الإرهاب كما صادقت على عديد من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة.
تجربة ناجحة وإنجازات مميزة
تزامنت جهود المملكة لمحاربة الإرهاب مع المعالجة الوقائية، حيث أطلقت المملكة مبادرات كثيرة بهذا الشأن للقضاء على الفكر المنحرف والأعمال الإرهابية، فنظمت على سبيل المثال حملة باسم التضامن الوطني لمكافحة الإرهاب بمناطق المملكة بمشاركة القطاعات التعليمية والأمنية وغيرها، كما خصصت يومًا دراسيًا كاملاً خلال العام الدراسي لإقامة معرض بكل مدرسة للبنين والبنات للتوعية بمخاطر الإرهاب إلى جانب الكراسي العلمية بالجامعات التي تعنى بالأبحاث والدراسات التي تعالج خطر الإرهاب؛ وذلك لزيادة الوعي العام في دعم التعاون بين جميع شرائح المجتمع السعودي، ومكافحة الغلو والتطرف، وقامت الجهات المسؤولة في المملكة بإصدار عدد من اللوائح التي تنظم استخدام شبكة الإنترنت والاشتراك فيها، لمواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني، إضافة إلى تنظيم دورات تدريبية عدة في مجال مكافحة جرائم الحاسب الآلي لتطوير مهارات العاملين في هذا المجال، وكذلك إنشاء هيئة تتولى الإشراف على جميع الأعمال الإغاثية والخيرية، وتنظيم جمع التبرعات المادية للأعمال الخيرية لقطع الطريق على أي أعمال من المحتمل أن تستغل لغير الأعمال المشروعة، وحرصت القيادة السعودية على تكريم الشهداء من رجال الأمن ومواساة ذويهم وعائلاتهم، وتقليدهم أوسمة الشرف وأنواط الكرامة؛ تعبيرًا عن التقدير الكبير لبطولاتهم وتضحياتهم، كما حرصت الدولة على مراعاة مشاعر آباء وأمهات المتورطين بارتكاب الأعمال الإرهابية ممن ألقي القبض عليهم، وكان لذلك أكبر الأثر في عودة كثير منهم إلى جادة الصواب، وبصفة عامة وشاملة فإن رجال الأمن بالمملكة حققوا إنجازات كبيرة في التصدي لأعمال العنف والإرهاب، ونجحوا في توجيه الضربات الاستباقية، وإفشال أكثر من 95 بالمائة من العمليات الإرهابية، والإحاطة بالمتعاطفين معهم والممولين لهم.
إشادة وإعجاب وتقدير
حظيت جهود المملكة في مكافحة الإرهاب باهتمام كافة الأجهزة المعنية بمواجهة الأعمال الإرهابية، واستفادت بعض الدول من التجربة السعودية من خلال اعتمادها إستراتيجية شاملة تعتمد المواجهة الفكرية والمناصحة بنفس درجة الاهتمام بالتعامل الأمني، والإجراءات القانونية في محاكمة المتهمين بارتكاب الجرائم الإرهابية، فالتجربة السعودية لمكافحة التطرف والإرهاب رائدة وفعالة وحققت نتائج قوية ومتقدمة في هذا الشأن المهم، ومحاربة الفكر المتطرف بطرق ووسائل تتسق مع معطيات العصر الحديث، وجاءت الشهادات تترى على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية لتعرب عن تقديرها للجهود التي بذلتها وما زالت تبذلها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بعزم وحزم لفت أنظار ذوي الاختصاص والمراقبين.