رقية سليمان الهويريني
لأجل التحريض المجتمعي على سواقة المرأة للسيارة يقوم بعض الوعاظ بنشر أفكار وآراء شخصية على أنها أمور حتمية! مثلما جزم به أحد الوعاظ عبر محاضرة جماهيرية بأن المرأة لا تملك إلا نصف عقل، وعندما تقود السيارة يتلاشى ويصبح ربع عقل! ويطالب إدارة المرور بعدم منح «رخصة قيادة مركبة» لشخص لديه ربع عقل! وقد أحسن أمير منطقة عسير صنعًا بوقف الواعظ عن الخطابة وإلقاء المحاضرات.
وحديث الواعظ لا يغيِّر الواقع؛ والناظر للواقع الآن يرى أن ليس ثمة امرأة إرهابية فجَّرت مسجدًا أو مبنى، أو عقت والديها أو قتلتهما أو أحدهما.. لأنها بربع عقل كما يدعي هذا الواعظ، بينما تحدث بين الرجال مع أنهم بعقل كامل! والمدرك يعلم أن أوامر الله تعالى بهدف، ومنها فريضة الحج والعمرة وإقامة شعائرها تأسيًا بعمل امرأة؛ ليثبت قيمة عملها وعظمته، وليظل على مدى الدهر شاهدًا لها.. فهل كانت (حاشاها) بربع عقل؟!
المدهش تصريح المسؤول بصندوق المواطن بأن 28 % من المواطنات هن المعيلات الرسميات لأبنائهن. وأكاد أجزم أن عدد «معيلات الظل» ضِعْف المعلن! ومن يسمع امتنان جيل اليوم لأمهاتهم يدرك أن بعضهن كن - وما زلن - خلف نجاحهم، وقد تحملن مسؤولية التربية والنفقة، وبعضهن قد تكبدن المعاناة والصبر على العنف لأجل حياة أسرية مستقرة لأبنائهن! فكيف تكون سيدات بهذه التضحية وهن بربع عقل؟!
كيف تكون بربع عقل وهي مصدر قوة أبنائها؟ وهي سندهم وملهمتهم؟!
كيف حملت؟ وكيف أرضعت وربت، وخافت وسهرت وعانت وهي بربع عقل؟
بربك، كيف يقول عني أني بربع عقل وقد أطعمته من عصارة عظامي وهو في بطني، وأرضعته من شراييني وهو يحبو، وأسقيته ماء عيوني وهو يمشي، ولو غاب عن نظري تكاد تموت يوميًّا خلية في جسدي؟
يا بني.. حين يمسسك طائف من الشيطان على أن تجرحني تذكَّر:
أنك الأغلى في حياتي، وأنك الأحب على قلبي، وأنك كبدي وشرياني فلا تؤذِني!