محمد آل الشيخ
اعتدنا في كل سنة أن نحتفل بعيدنا الوطني المجيد، لكن احتفالاتنا هذه السنة (غير شكل) بامتياز، ففيه احتفلنا كما لم نحتفل من قبل، حيث دخلت لأول مرة الفنون والموسيقى والأغنية بقوة لتشاركنا احتفالاتنا بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا، حين بنى المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- هذا الصرح الذي وقف كالطود الشاهق ثابتًا في وجه كل رياح المتغيرات والتحديات، بل والمؤامرات، بكل أنواعها؛ فهذا الوطن أثبت قوته وهيبته وقوة عقده الاجتماعي بين القيادة والقاعدة الشعبية أكثر من أي وقت مضى، بعد أن اكتشفنا أن المتأخونين وأذنابهم في الخارج والداخل يعملون ليل نهار على إضعافه بغرض إسقاطه. خذ - مثلاً - خلية التجسس التي تم القبض على أفرادها لمقاضاتها، فقد ضمّت أسماء قالوا إن شعبيتها بين السعوديين منتشرة ومتجذرة، غير أن الذي فاجأ من كانوا (يستعرضون) شعبيتهم، فضلاً عمن كانوا يروجون لقوتهم، أن التفاف السعوديين حول قيادتهم التي أوقفتهم، ذلك الالتفاف منقطع النظير، الذي لا ينكره إلا مغالط أو مصاب بالعمى، جعلهم يعيدون حساباتهم، ويصححون ما كانوا يظنون أنه حقائق. فقد اكتنفت المناسبة هذه السنة كثير من الظروف والتغيرات غير المسبوقة، التي أثبت فيها المواطن السعودي ارتباطه بملكه وولي عهده، وأمنه واستقراره، ليرى العالم أجمع أن أولئك المستأجرين والمنشقين، ما هم إلا قلة هامشية، لا قيمة لها.
وغني عن القول إن الملك سلمان -حفظه الله- اتخذ نهج الحزم الذي لا يعرف التردد له منهجًا في الخارج، وكذلك في الداخل، وقد ثبت الآن أن الشعوب لا تحترم إلا القوي الأمين، الذي لا يكتفي بأنصاف الحلول وإنما الحلول الجذرية وإن كانت مؤلمة؛ رأينا ذلك في اليمن عندما استعان الحوثيون والمخلوع بدولة الملالي الصفوية ليجعلوها في خاصرتنا على حدنا الجنوبي؛ كما رأينا الحزم عندما استشاط غضبًا على تصرفات نظام الحمدين الحمقاء في قطر، وليس لدي أدنى شك أن احتفالات هذه السنة بالعيد الوطني هو احتفال بدولة قوية صارمة حازمة مهابة، ليس للخوف ولا للتردد مكان في قواميسها.
أضف إلى ذلك أننا كنا لسنوات وسنوات نجامل الفكر المتطرف، المتزمت في رؤاه، ونراعي ما وضعه من قيود، بل وأغلال على مجتمعنا، إلا أن الحكم الحالي وضع (الوطنية)، وتنمية الوطن، والرقي بإِنسانه، له هدف وغاية لا يحيد عنها قيد أنملة، وكانت عوائق الغلاة وأوهامهم المتخلفة، التي ما أنزل الله بها من سلطان، تُعيق في الماضي كثيرًا مما يجب أن يكون، فاتخذ الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعضيده الشاب الجريء المقدام قرار البدء في التنمية، غير آبه باعتراض الغلاة، وعقبات المتأسلمين، فكانت النتيجة ما رأيناه بالأمس على أرض الواقع لا ما يوصف لكم.
أهم ما تضمنته احتفالاتنا بالأمس، أننا أصبحنا نفرح بلا عوائق كالآخرين، ونبتهج كالآخرين، ونضحك كالآخرين، ونغني للوطن كالآخرين، ورجع أعداء الفرحة والابتهاج والابتسامة إلى مقاعدهم الخلفية، حيث يجب أن يكونوا، لا قيمة لهم ولا أحد يحفل بما يقولون؛ عمّت الاحتفالات كل أرجاء البلاد وزواياها، وارتسمت البسمة على وجوه المواطنين، ورأى من كانوا يتربصون بنا، ويتآمرون علينا، أن اللحمة بين المواطنين أقوى من أن يخترقها عملاؤهم، وأن التفاف المواطن حول القيادة أقوى وأصلب وأعمق مما كانوا يعتقدون، لذلك كله كانت احتفالاتنا بهذه المناسبة هذه السنة (غير شكل) بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
إلى اللقاء