يوسف المحيميد
ظللتُ لسنوات أكتب عن أهمية دور المعلم، معتبرًا أن المقررات والمباني وغيرها ليست في ذات الأهمية، لكن الحادثة الأخيرة المتعلقة بإتلاف مقررات تعليمية بسبب نشر صورة للمغفور له الملك فيصل، وهو يلقي خطاباً في الأمم المتحدة، وبجانبه مخلوق فضائي، يمثل أحد شخصيات حرب النجوم، تلك الصورة المسيئة التي تُسمى فنًّا شارك باسم الوطن في الخارج، جعلني أعيد النظر في هذه المقررات ومن يقوم على تأليفها ومراجعتها. لن أعلق على الصورة، ولا على الخطأ الفادح باستخدامها في كتاب مدرسي، ولا في القرار الذي اتخذته الوزارة بإتلاف أو تعديل النسخ، ولا على من يترصد لوزير التعليم بحثًا عن أي زلة، فقط لأنه حاول أن يستفيد من قدرات البعض المعطلة!
سأكتفي بالحديث عن المقررات والمناهج المدرسية، لأقول بصوت عال: يا جماعة تخيَّروا للجان تأليف المقررات من التربويين والتربويات الأكفاء، ومن المثقفين والمثقفات ذوي الاطلاع الواسع على تطورات التعليم وأسس التربية الحديثة، فليس من العقل أن تُدرج جمل وعبارات مهينة للمرأة في مقرر مدرسي، موجهة لطالب يعود إلى البيت ليقابل أمه، تلك التي حملت وسهرت وربَّت، وقد علموه أنّ أمه ناقصة وساذجة وجاهلة، ماذا ننتظر من طالب يُلقن بأنّ نشوز الزوجة بسبب سوء تربيتها، وجهلها وغرورها، بينما نشوز الزوج وعدم تحصينه بشكل كاف بسبب كبر الزوجة وذهاب جمالها؟ فكل ما يحدث في الأسرة من سوء وتفكك هو بسبب الزوجة، وما يحدث من نجاح واستقرار تحقق بسبب الزوج. إنّ هذا المنطق العام للعلاقة بين الزوجين وبناء الأسرة هو منطق ذكوري محض، وغير عقلاني، فالتحامل على المرأة، الأم، الزوجة، الأخت، الابنة ... بهذا الشكل غير التربوي يجب التعامل معه بوعي، وإيقافه فورًا.
هناك الكثير من الملاحظات حول المقررات والمناهج وما تحمله من فكر يمثل رؤية أحادية، رأي فئة قليلة من الناس، تغلغلت في التعليم عقوداً من السنوات، وتمكنت منه، ووجهت المجتمع وشرائح الأطفال والشباب وفق آرائهم الغريبة، وقامت بتغييب المجتمع سنوات طويلة، وأقول: ليت من التقط الصورة المسيئة تحرر من مواقفه المسبقة، وأكمل معروفه بالتقاط العبارات المسيئة لنصف المجتمع: المرأة.
مرة أخرى أتساءل : ما الذي قدمه برنامج الملك عبد الله لتطوير التعليم العام؟ نحن بالفعل نحتاج أن نعرف ما هي الخطوات التطويرية المتحققة للتعليم العام في هذا المركز، إذا كان خطأ بسيط وبدائي لم يكتشفه المصححون والمراجعون والمحررون وغيرهم!