المدينة المنورة - مروان عمر قصاص:
تميزت هذه البلاد منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس/ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وأبنائه البررة من ملوك المملكة بحرص كبير وعمل مكثف في مجال الاهتمام بالمقدسات الإسلامية لخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار وتوفير أفضل سبل الراحة لهم، وكان للملك المؤسس قصب السبق في بدء أول توسعة للحرمين الشريفين، كما وفر يرحمه الله العديد من الخدمات لراحة الحجاج والعمار وتبنى عقد أول مؤتمر إسلامي، وقد أختط الملك المؤسس نهجا عظيما في هذا الإطار كان وما زال من الأسس الهامة في نهج قيادة هذه البلاد؛ حيث وجهت القيادة الراشدة بتكثيف الأعمال الإنشائية لتحسين وتوسعة المشاعر للتيسير على الحجاج والزوار والمعتمرين، ومنها تنفيذ مشروعات توسعة وتجديد عمارة الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة وما صاحب هذه المشروعات من عمليات تطوير وتنمية للمناطق المركزية في هاتين المدينتين والمحيطة بالحرمين الشريفين، كما أن إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة يمثل أكبر مشروع للعناية بطباعة المصحف الكريم وتسجيله بأصوات أشهر المقرئين في العالم الإسلامي ويعد من الإنجازات الإسلامية العملاقة في هذا العهد الزاهر الميمون.
إطراء وثناء وإشادات
وحظيت هذه الأعمال والجهود ولله الحمد بإشادة كافة الحجاج والعمار الذين يلمسون مدى هذه الأعمال ودورها في تسهيل أداء المناسك، وثمنوا هذه الجهود وأبدوا إعجابهم الباهر لما تحقق من خدمات لضيوف الرحمن، مؤكدين إن السعودية تحتل منذ تأسيسها على يد موحِّدها الملك عبدالعزيز مكانة متميزة بين دول العالم، لا سيما دورها البارز والريادي في مجال الخدمات المتعددة والتسهيلات للحجاج والمعتمرين.
واجمعوا على إن اللسان يلهج بالدعاء لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولسمو ولي العهد، والجهات والقطاعات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بخدمة الحجاج على ما يقدمونه من تسهيلات وما يبذلونه لخدمتهم ويسهرون الليالي لأداء هذا الواجب بكل يسر وسهولة وأمن وأمان، منوهين بما توفره حكومة خادم الحرمين من تسهيلات أدت إلى تذليل كل الصعاب.
وتوفر المملكة خدمات مكثفة بدء من قدوم الحجاج من خلال سهولة الإجراءات التي يجدها الحجاج بمنافذ المملكة وهي خدمات متميزة ومتكاملة ومتطورة وتحظى بمتابعة شاملة من المسؤولين الحريصين على توفير أفضل الخدمات لضيوف الرحمن وتقوم العديد من الأجهزة الحكومية بتنسيق شامل مع بعثات الحج الرسمية قبل بدء موسم الحج وخلال الموسم وهو ما يساهم في تذليل كافة العقبات ويوفر البيئة المناسبة والصحية لعمل بعثات الحج الرسمية لتقديم أكبر الخدمات لحجاجها وتمكينها من أداء واجباتها
وأكد العديد ممن أدى المناسك أكثر من مرة إنهم كلما سافروا للحج من سنة لأخرى، وجدوا تطورا كبيرا في الخدمات مما خفف على الجميع من المعاناة والزحام الشديد والتدافع بسبب الأعمال الجليلة لحكومة خادم الحرمين من توسعة المسجد الحرام والخدمات في المشاعر المقدسة، وتوسيع وتطوير الطرق في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة لخدمة ضيوف الرحمن، وراحتهم والحفاظ على سلامتهم والعودة إلى ديارهم سالمين غانمين، وبصورة جميلة في أذهان الجميع.
الحج قبل العهد السعودي
وأكدت العديد من الدراسات صعوبة الحج قبل العهد السعودي المبارك في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي حيث تدنت الخدمات وفقد الأمن وبلغت الأوضاع حدّ قتلهم وسلب أموالهم وحوائجهم من قبل قطاع الطريق أو موتهم جوعاً وعطشاً وبرداً، ويبدو أن أحوال الحج وشؤون الحجيج في بداية القرن العشرين لم تتحسن كثيراً عما كانت عليه خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين؛ نظراً للحروب التي دخلتها دولة الخلافة العثمانية، رغم محاولات السلطان عبد الحميد إنقاذ الوضع لتغيير هذا الواقع المرير، هكذا كانت شؤون الحج وأحوال الحجيج قبل العهد السعودي، فزعاً وهلعاً نفسياً واضحاً، وإجهاداً بدنيا وصحياً مبرحاً لضيوف الرحمن منذ وصولهم إلى مكة المكرمة وإلى أن يعود من سلم منهم إلى دياره.
* الحج في عهد الملك عبد العزيز
ورصدت كتب التاريخ العديد من الأعمال التي قام بها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن ومن ذلك في عام 1345هـ/ 1926م, مشروع تبليط المسعى، وقد نوهت الصحف المصرية بهذا القرار الذي اتخذه الملك عبد العزيز؛ لما فيه من التيسير على الساعين من الحجاج والمعتمرين كما أولى ـ رحمه الله ـ المرافق المائية جل عنايته واهتمامه، فلم يقف عند حد إجراء الإصلاحات والترميمات والتجديدات السنوية في العيون التي أجريت قبل عهده الزاهر مثل:(عين حنين وعين زبيدة وعين الزعفرانة وعين التنضباوي) وغيرها، بل أجرى عيناً من وادي المضيق على بعد 45كم شمال شرقي مكة المكرمة عرفت باسم الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ فضلاً عن حفر آباراً جديدة وإنشائه منظومة متكاملة من المرافق المائية مثل: (الأسبلة والمناهل والصهاريج والخزانات والبازارات)، وعمل شبكة صرف صحي متطورة؛ مما أسهم بشكل كبير في التطور العمراني بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وسد الاحتياجات السكانية من المياه العذبة الصالحة للشرب.
وحرص المؤسس رحمه الله على راحة الحجاج ووجه بتشييد الفنادق؛ حيث افتتحت إدارة (الأوتيلات) أول فندق بمكة المكرمة عام 1351هـ/1932م في احتفال رسمي كبير بهذه المناسبة المهمة؛ وتأكيداً على هذا التوجيه فقد أصدر الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عام 1366هـ/1947م, قراراً بإعفاء من يريدون إنشاء فنادق لنزول الحجاج والمعتمرين من الرسوم الجمركية على أدوات البناء والإنشاء ولوازم الفنادق وهو قرار حكيم لقي إشادة من المواطنين وحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار وفي عام 1373هـ/1953م أصبحت شوارع مكة المكرمة وأزقتها مضاءة لأول مرة بالكهرباء.
واهتم الملك عبدالعزيز بعد دخول الحجاز تحت حكمه عام 1925 بالحفاظ على أمن الحجيج، وتابع المؤسس هذه الأعمال بنفسه، بل واتخذ إجراءات عدة لتحقيق ذلك منها إنشاء فرق عسكرية وأمنية تعمل على استتباب الأمن وتأمين حياة الحجاج خلال أدائهم مناسك الحج حتى يعودوا إلى بلدانهم سالمين، ما جعل مراسل صحيفة (مانشيستر جاردين في بغداد) يشيد في تقرير نشرته الصحيفة بنجاح موسم حج عام 1927، وأبرز في مضامينه جهود الملك عبدالعزيز في خدمة الحجاج.
وتشير موسوعة الحج والحرمين الشريفين إلى أن الرحالة وثقوا جوانب متعددة من شخصية الملك عبدالعزيز وجهوده في خدمة الحجاج والمشاعر المقدسة، حيث زار بعضهم الملك عبدالعزيز في ديوانه الملكي، واستمعوا إلى حديثه، وشاهدوا أسلوبه وطريقته وسياسته، وأعجبوا بتميز قيادته حين استطاع توحيد كيان الجزيرة العربية تحت مسمى (المملكة العربية السعودية) وسط صعوبات داخلية وخارجية أحاطت به.
وفي استدعاء لذاكرة التاريخ، فقد كان الرحالة غير العرب يتقاطرون على مكة المكرمة قبل قيام الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبدالعزيز، وقيل إن عددًا منهم اعتنق الإسلام، وفقًا لما أوردته أبحاث موسوعة الحج والحرمين الشريفين.
وقد رصد العديد من المؤرخين جهود الملك عبد العزيز رحمه الله في مجال خدمة الحجاج مثل ما ذكره المؤرخ إبراهيم بن عبيد في كتابه الموسوم ب (تذكرة أولي النهي والعرفان) وقال انه تم توفير مياه الشرب في الحرم المكي حيث تم انشاء سبيل للشاربين من ماء زمزم بثلاث نوافذ، على ارتفاع قامة الواقف إلى صدره، فكان في ذلك راحة للشاربين، وقد ذكر ابن عبيد أن هذا السبيل قد كُتِبَ عليه عبارة تذكاريه نصها: " أنشأ هذا السبيل الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود".
جهود التوسعة والتطوير متواصلة
ويتواصل الاهتمام والعناية بالحج كنهج سار عليه ابناء الملك المؤسس رحمهم الله وحتى هذا العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورصدت المملكة العربية السعودية،طوال تاريخها، ميزانيات مفتوحة لخدمة الحرمين الشريفين ولم تبحث عن أي مقابل فيكفيها الشرف الرباني لها بذلك، وأن التوسعة الأخيرة شاهد حي على تكلفة وصلت إلى أكثر من 100 مليار ريال سعودي، بالإضافة لمشروعات ضخمة أخرى بُذل عليها بسخاء، منها على سبيل المثال لا الحصر مشروع تطوير جسر الجمرات والمنطقة المحيطة به في مشعر منى، الذي يسهم في انسيابية حركة الحجاج في منطقة الجمرات، وكذلك قطار المشاعر الذي يعمل على تخفيف عناء السير على الحجاج أثناء تأديتهم رمي الجمار وتنقلهم من منى إلى مزدلفة.
هذا كله في وقت تنفرد فيه مكة المكرمة بالخصوصية؛ حيث تشهد ملتقى كبيراً من أقطار العالم كافة بالإضافة إلى مشروع وتوسعة صحن الطواف والخيام المطورة لتقديم خدمة تليق بحجاج بيت الله الحرام؛ ليتجاوز إنفاق المملكة أكثر من 100 بليون ريال لخدمة الحجاج بإنشاء مدينة متكاملة الخدمات ومرافق حكومة وطرق وأنفاق.
ويحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه على الوقوف بنفسه والإشراف على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن وتطويرها والاطمئنان على جاهزيتها ؛ حيث لا تخلو أي كلمة له من توجيه مختلف الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة بخدمة حجاج بيت الله الحرام بمضاعفة الجهود وبذل كل ما من شأنه التيسير على ضيوف الرحمن لأداء فريضة الحج، وأهمية التنافس والتسابق في خدمة قاصدي الحرمين وتذليل كل الصعاب، موصيا الحجاج بالتفرغ للعبادة وأداء مناسك الحج والبعد عن التصرفات التي تخالف تعاليم الدين الإسلامي.
وتبذل وزارة الحج والعمرة جهودا مكثفة على مدار العام لاستقبال المعتمرين والحجاج وتقديم كافة الخدمات والتسهيلات لهم لتمكينهم من أداء مناسكهم بيسر وسهولة كما أن الوزارة سبق لها أن أوضحت في بيانها الإعلامي الصادر بتاريخ 1 / 10 / 1438هـ بأن أعداد تأشيرات المعتمرين القادمين للعام الحالي بلغت أكثر من (000 ر 750 ر 6) ستة ملايين وسبعمائة وخمسين ألف تأشيرة، حيث فاقت أعدادهم السنوات الماضية، وتم تحقيق رقم قياسي خلال موسم العمرة لهذا العام.
وفي ظل الوضع السياسي الراهن مع الدوحة فإن حكومة المملكة العربية السعودية ترحب بضيوف بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين من مختلف دول العالم بما فيها قطر وقد جاءت بادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان رعاه الله باستضافة الحجاج القطريين على نفقته وتسهيل دخولهم بدون التصريح الإلكتروني تأكيد على استحالة منع أي جنسية وتحت أي ظروف من أداء مناسك الحج.
وطالما كررت وزارة الحج والعمرة التأكيد على أن كافة الخدمات والتسهيلات التي توفرها حكومة المملكة العربية السعودية لضيوف بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين والزوار تجسد الدور الريادي الذي تتشرف به حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين في رعاية الحجاج والمعتمرين والزوار، بمختلف جنسياتهم وانتماءاتهم ومن مختلف أقطار العالم الإسلامي.