لبنى الخميس
جميعنا مررنا بهذا الموقف في يوم من الأيام.. كان مطلوب منا وفي وقت قياسي أن نكتب موضوع تعبير حر.. أو مقالة رأي.. أو نحوّل مساحة بيضاء في كراسة الرسم إلى عمل فني يحوز إعجاب الأستاذ، ويقينا شر الإحراج أمام الطلبة. لحظة كنا فيها بأمس الحاجة إلى الإلهام وهو لحظة التنوير التي تعقب بحثك الدؤوب، وسعيك الملح، للبحث عن إجابة لسؤال أو حل لمعضلة ملموسة أو ذهنية.
نتحدث دائماً عن «الإلهام».. ذلك الضيف الغامض.. الذي يهطل بحضوره مشروع جديد.. قصيدة عذبة.. فكرة أسطورية.. وحل خطير لمشكلة معقدة.
يختلف الناس في استقبالهم لتلك اللحظة وتفاعلهم معها.. وهكذا هي الحال مع القادة والعظماء والفنانين الذين يعيشون على الإلهام.. لتحقيق أهدافهم.. ونثر إبداعاتهم.. وتخليد أفكارهم في صفحات التاريخ إلى الأبد.. فمن أين كانوا يستوحون إلهامهم؟
المصمم الفلورنسي غوتشي.. بدأ حياته المهنية كبواب مصعد في فندق سافوي في العاصمة لندن، حيث اعتاد أن يحمل حقائب مشاهير وفنانين أمثال مارلين مونرو، وفرانك سيناترا، ووينستون تشرشل، ومن ردهات المصعد قفز حلمه في تصميم حقائب تفوق تلك الحقائب الجلدية الرتيبة التي كانوا يحملونها جمالاً وأناقة.. فبدأت حكاية إمبراطورية غوتشي التي غزت العالم. الإلهام أحياناً.. حاجة.
وقبل أن يكتب نجيب محفوظ عشرات الروايات التي تناولت عمق حكايات الشارع المصري.. تخرج من شوارعها وأزقتها الضيقة.. حاور أهلها.. استنشق عبق عراقتها.. وكان يتخذ من أحد مقاهي خان الخليلي مقراً لإبداعه «مقهى الفيشاوي»، حيث لا تزال جدران وكراسي وصور وديكورات هذا المقهى شاهدة على المسودات الأولية لهذه الروايات. التي ظفر على إثرها بجائزة نوبل للأدب عام 1989 الإلهام أحياناً.. مقهى.
وعلى نطاق أكبر وجد أعظم كتاب وأدباء القرن الماضي إلهامهم في مدينة النور باريس، حيث كتبوا فيها أجمل أعمالهم.. مثل الكاتب الأمريكي إرنست هيمنغواي الذي أقام فيها فترة من شبابه وكتب أجمل أعماله، وفيكتور هوغو الذي نسج فيها وعنها أجمل روائعه، مثل البؤساء وأحدب نوتردام، أما أوسكار وايلد فوقع في غرامها وطلب أن يدفن فيها بدلاً من وطنه الأم اسكتلندا. وبالمناسبة، فرنسا هي أكثر دولة حاصلة على جائزة نوبل عن فئة الأدب بين دول العالم. الإلهام أحياناً مدينة..
لكن، هل استعصى عليك في يوم اختيار هدية مبتكرة لصديقك؟ أو كتابة جملة معبرة في بطاقة معايدة؟ أو الخروج بحل مبتكر في اجتماع عمل أو جلسة عصف ذهني؟ الخبر السعيد أنه هناك بعض الطرق والوصايا التي ممكن تشعل جذوة الإلهام في ذهنك.. أشارككم إياها في المقال المقبل.