سعد بن عبدالقادر القويعي
توجيه سمو الأمير فيصل بن خالد المبلغ للجهات المختصة، يأتي تفاعلا مع ما تم نشره، وتداوله في مواقع التواصل الاجتماعي حول محاضرة عضو الإفتاء في منطقة عسير الشيخ سعد الحجري؛ واتساقا مع بناء مجتمع محكم على الألفة، والمحبة، ووحدة الكلمة، واجتماع القلوب، والتسامح الفكري، والإعراض عن اللغو فى الحديث؛ إذ لا شيء أكثر إخلالا بالأمن، ولا ضررا على الاستقرار من اختلاف الكلمة، وافتراق القلوب، خصوصا مع كثرة المتربصين، وتسارع الأحداث، وتوتر الأوضاع الإقليمية والدولية.
قل شأن الكلمة عند الكثيرين - مع الأسف -، وخف ميزانها، وعظمت خطورتها، عندما أتيح لها الانتشار، وعمت الآفاق في بضع ثوان عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون شعور، أو إحساس بثقل هذه الكلمة، ووزنها، ولذا فإن وزن الفعل على القول، وضبط القول بالفعل، والعمل على ردم الهوة بين هذين المصطلحين، وجعلهما في واقعه متطابقين، سيجعل من الكلمة أن تكون بناءة لا هدامة، ومنضبطة لا سائبة، وهي دعوة إلى الوصول إلى الحقيقة، والانتفاع بالعلم النافع دون تأثير عارض مفتعل، يزول بزوال السبب.
في عصر تقدمت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، فإن حدود الكلمة، ومعانيها، وآثارها تعتبر مسؤولية كبيرة، والتزام أدبي وأخلاقي، يصوغها الفكر الناضج، والطرح المستقيم، والنوايا الحسنة؛ لتكون سبيلاً لنشر الخير، والمحبة، والسلام، ووازعاً للبناء، وطريقا إلى رحابة الرخاء، وسبباً من أسباب النماء، وعندما يزل قائلها، وتنحرف مضامين الكلمة عن هدفها المقصود، فإن ذلك كفيل بتغيير قناعات، وقلب موازين، وبناء واقع غير محمود.
إن ضبط الكلمة في مسارها النافع ليس سهلا، بل يحتاج إلى مجاهدة، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال شخصية متمكنة، وقادرة على وضعها في إطارها الصحيح. فكم هي ثقيلة أمانة الكلمة!، وكم هو عبئها أثقل حينما تخرج من عالم، أو طالب علم، أو داعية يصدر الناس عن رأيه، وينثنون إلى قوله!، وكم من كلمة أثارت أحقاد انتشرت، وخلافات استشرت، بسبب من لا يعرف للكلمة قيمة، ولا لتبعاتها من عواقب وخيمة!، وبالتالي فإن التصدي لكل ما يثير الرأي العام، والحد من استغلال المنابر الدعوية لطرح آراء، ووجهات نظر تسبب الجدل بين فئات المجتمع، وتنتقص من قيمة الإنسان، وإحداث الخلل في بنيان المجتمع الواحد، وخلق الفوضى، وبث الفرقة، والخلاف بين أبناء الوطن، سيشيع في النفوس الأمل، ويحثها على العمل، ويدفعها إلى تجاوز الأزمات إلى آفاق الفرص، ويمنحها أملاً في غد أفضل -بإذن الله-.