د. أحمد الفراج
على مدى سنوات طويلة، كنا نكتب، ونقول إن معظم أبناء الوطن هم من الأغلبية الصامتة، وهي أغلبية تحب هذه البلاد، ومخلصة لقيادتها، وتطمح إلى أن تعيش بسلام، وتفرح كما تفرح كل شعوب الأرض، سواء كان ذلك في احتفالات عامة، مثل اليوم الوطني المجيد، والأعياد السنوية، أو احتفالات خاصة، مثل المناسبات العائلية ومناسبات الأفراح، لأن الإنسان السوي، بطبعه وفطرته، جبل على حب الترويح عن النفس، وهذا كان أمراً سائداً في مجتمعنا، منذ قيام هذه الدولة، حتى تمكن الحزبيون، وأحالوها جحيماً وتجنيداً، منذ أربعة عقود.
تمكن الإخوان والسروريون من إمساك المجتمع من تلابيبه قسراً، فكانت مهمتهم الأولى خنق المجتمع، ووأد الفرح، وذلك لتسهل لهم مهمة التأليب والتجنيد، فأصبح الفرح المباح شرعاً من المحظورات، وحل محله تجمعات مشبوهة، تمارس فيها أعمالاً يصعب فهمها وتفسيرها، وهي أقرب لحفلات الزار منها للعمل الدعوي، مثل حفلات تكسير الآلات الموسيقية، وزيارات المقابر، وحفلات تكفين الميت، وبكائيات توبة الأطفال، وهي ممارسات بشعة، يتم من خلالها إيهام الطفل والشاب أنه ارتكب ما يكفي من الموبقات، وهذه الممارسات تهدف إلى تزهيد النشء بالحياة، ليسهل تجنيدهم لمحارق الموت خارج الحدود، رغم أن بعضهم لم يبلغ سن الحلم بعد، وهناك نشاطات أخرى أكثر غرابة، ولا يتسع المجال لذكرها.
المملكة اليوم، وهي تحتفل بيومها الوطني المجيد، عادت لأيامها الخوالي، أيام الفرح والاحتفال، بعد أن تم تحجيم دور الحزبيين، وكشف ألاعيبهم وأساليبهم الخداعة، وعمالتهم لبلدان أجنبية، وهي احتفالات تاريخية غير مسبوقة، وكانت ردة فعل المواطنين الإيجابية والمبتهجة، مفاجئة للحزبيين، الذين ظنوا ذات يوم أنهم أذكى من الدولة، وأذكى من المواطنين، وجزموا بأنهم يملكون زمام الشارع، ولا شك أن موقفهم المخزي من قرار مقاطعة قطر، كان السبب الرئيس لسقوطهم المدوي والمريع، وانكشاف حقيقتهم للأغلبية الصامتة من شعبنا العزيز، ومن يتابع منصات التواصل، يلحظ كيف أصبح المواطن السعودي يلاحق الحزبيين بالأسئلة المحرجة، وهم يتهربون، لأنهم يدركون بأن زمنهم ولى، خصوصا أن بعضهم أصبح عارياً على حقيقته، وتحول من العمل الدعوي إلى مجال الدعاية لمستلزمات المطبخ، وليس بعد هذا الانكشاف انكشاف، وخلاصة الحديث هي أن الغمامة انقشعت، وعادت المملكة الجديدة لتكون وطناً للريادة والإنجاز والتنمية والفرح!.