رقية سليمان الهويريني
بعد تعطّل مكيف الغرفة في يوم شديد الحرارة؛ قرَّر أبو أحمد أن يغيِّر القابس! لأن الكهربائي -الوافد- طلب خمسين ريالاً لتغييره وهو ما لا يقبله أبو أحمد خصوصاً أنه متقاعد وذو دخل محدود! ويعِد ذلك استغلالاً لعمل تافه!
أغلق الرجل التيار الكهربائي وشرع بالعمل، ولكنه أخطأ، حيث أزال القابس كاملاً دون أن يحدد مسار دخول الأسلاك الملونة لمواقعها الصحيحة، فقام بتركيب الأسلاك كيفما اتفق، فلن يهزمه الكهربائي، وأعاد التيار للعمل ولكن للأسف هزمته قوة التيار، حيث يبدو أنه جمع سالبين في مكان واحد وموجبين في موضع آخر!
أحدثت نتائج الخطأ رعباً في قلب أبي أحمد فجلس على الأرض حتى هدأ روعه وبدأ يعيد التفكير، ويراجع سبب الخطأ؛ ولكنه لم يلُمْ نفسه أنه لم يستعن بكهربائي وافد، فقدحت في رأسه فكره أن يراجع كيفية مسار الأسلاك في مقبس سليم، فقرّر الكشف عن مقبس الغرفة المجاورة وقام بتصوير الأسلاك الملونة ونهاية مداخلها وأغلقه، وعاد للقابس المعطوب وبدأ بإعادة توجيه مسار الأسلاك بحسب الصورة الملتقطة وقبل أن يشد المسامير قام بإعادة التيار الكهربائي، حيث بدأ المكيف بالعمل وعادت البرودة إلى الغرفة، وكان قلب أبي أحمد أشد برودة وثلجاً!
لم تكن فرحته بعودة المكيف للعمل فحسب؛ بل إن سعادته بكسب التحدي وانتصاره على الكهربائي الجشع أكبر.
وصارت قصة تركيب القابس ومتعة العمل حديث الصباح والمساء مع أسرته وأصدقائه وأقاربه وجيرانه، وتعاظم هوس العمل المهني في نفسه حتى صار يطَّلع على المواقع الإلكترونية لتعليم الكهرباء المنزلية للمبتدئين ليتعرَّف على كيفية مسار الأسلاك ونهايتها الطرفية.
لم تقف هوايته عند نفسه؛ بل كان يدعو أبناءه وبناته وأحفاده لتعليمهم المهنة الممتعة حتى اكتفوا ذاتياً ولم يحتاجوا قط لكهربائي، بل صاروا يجدون ذاك معيباً.
حالياً؛ يتجاوز سن أبي أحمد الخامسة والستين؛ وهو يوقع عقود إنشاء التمديد الكهربائي لفلل سكنية ومبانٍ تجارية، ودخله الشهري يفوق راتب أستاذ جامعة أو مدير عام.
على راسي يا أبا أحمد، أنت وهمتك العالية ومهنتك الشريفة. أنت مثال لكل شاب يشكو من البطالة، وكل نفس خاملة تعتمد على جهد وافد!