يوسف المحيميد
لم أكن في الرياض لسوء حظي حينما احتفلت بيوم الوطن، وتوشحت بالجمال والبهجة، لكنني اطلعت على معالم هذه المدينة الجميلة وقد ابتسمت، وأزاحت عن كاهلها تعب السنين وجهامتها، كأنما صغرت مدينة الرياض وأصبحت فاتنة، تغني وتصفق وترقص بفرح في يوم عرسها، لقد خرج الناس معًا إلى شوارعها وملعبها الضخم، هؤلاء الناس الذين فصلت بينهم جدران وأسوار الثمانينات، فلا يعرف الجار جاره، أصبحوا معًا في البجيري والتحلية واستاد الملك فهد.
هكذا أصبحت الرياض عاصمة طبيعية تعرف الفرح البسيط والعادي، كمثل العواصم العالمية، جاءت فرق فنية من مختلف مناطقها متنوعة الثقافات، لتغني وتطلق الأهازيج، هناك احتفالات ومغنون وموسيقى، هناك حياة تنبض بالسعادة، تلك الحياة الخارجة من الموت، ولعل الأجمل هذا التوافق الشعبي الكبير، فالحشود من الرجال والنساء والأطفال، تثبت أنّ المجتمع كان بحاجة إلى أن يصبح مجتمعاً طبيعياً، غير منقسم على ذاته، حتى أستاد الملك فهد، فتح أبوابه للعائلات، وهو الذي اقتصر على الرجال نحو ثلاثين عامًا.
ظللنا لسنوات طويلة نعيش في وَهَم أننا شعب متوحش وبدائي، شعب غير متطور، شعب بحاجة مستمرة إلى من يراقب سلوكه، لكننا اليوم أثبتنا للعالم أننا شعب واعٍ ومتحضر، شعب في منتهى الرقي والمدنية. لقد حاربونا سنوات طويلة، ووصموا المجتمع بتهم التخلف والهمجية، وجعلوا رجاله وشبابه ذئاباً مسعورة، واستغلوا كل شيء لتمرير تطرفهم، منذ المنشورات وأشرطة الكاسيت، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي!
كل ذلك الكابوس أصبح ماضياً، وليست الدولة وحدها، بل المجتمع أيضًا معها، استيقظ وأدرك الأكاذيب، ولن يقبل بأن يعود إلى الماضي القريب... لقد نفض الوطن كل ذلك، ونهض ومشى نحو المستقبل... فكونوا معه.