د. محمد عبدالله العوين
أظهرت احتفالات اليوم الوطني المجيد السابع والثمانين مظاهر الفرح العارم الذي عم الوطن كله وشارك فيه المواطنون من مختلف الأعمار رجالا ونساء في الميادين والساحات والشوارع التي أغلقت وتحولت إلى فضاءات فرح وغناء واستعراض وأهازيج وألعاب ومسابقات، وانطلقت الأغاني الوطنية التي صدحت بها حناجر فناني الوطن وعدد من أشقائنا في دول الخليج العربي، وكان الفضاء التلفزيوني بحق سعوديا خالصا؛ محطات التلفزيون في الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين وسلطنة عمان نقلت أو شاركت ببرامج احتفائية ؛ بل إن الإخوة الأشقاء في عدد من هذه الدول احتفلوا معنا في ساحاتهم بذكرى يومنا الوطني المجيد.
اكتست الأبراج الشاهقة في مدننا والمباني الرسمية الحكومية بالأخضر، وامتد الأخضر ملونا مدننا بالمحبة والجمال والوحدة والعزم والروح الوثابة إلى المستقبل في أرجاء الوطن كافة، وسرت روح المحبة إلى أشقائنا في الخليج والوطن العربي فارتدت الأبراج والمعالم المهمة في دبي وأبوظبي والكويت وعمان والبحرين والقاهرة بالعلم السعودي.
بل إن ختما خاصا صنعته الإمارات الشقيقة خصيصا لهذا اليوم المجيد يختم به جواز الداخل عبر مطار دبي في هذا اليوم يحمل توقيعا أخضر بعبارة جميلة «السعودية - الإمارات معا - أبدا».
حضرت العوائل السعودية رجالا ونساء وأطفالا ليشاهدوا العروض الممتازة التي أعدتها بإتقان ومهارة هيئة الترفيه مشكورة في شارع التحلية ومركز الملك فهد الثقافي وأستاد الملك فهد بالرياض، وأستاد الجوهرة بمدينة جدة ضمن ثلاثمائة فقرة ترفيه في مدن المملكة خلال أيام الاحتفال بيوم الوطن.
وشاركت فنادق دبي في هذه المناسبة بتخفيض وصل إلى 50 % والخطوط السعودية بتخفيض كبير جدا وصل إلى 70 % من التذاكر الداخلية ويستمر العمل بها إلى نهاية السنة الميلادية.
واكتست سماء مدننا ليلة الاحتفال بأضواء الألعاب النارية التي اشتعلت بكافة الألوان والأشكال والرسوم في مشاهد جمالية أخاذة.
هذا عرض سريع لشيء قليل من مشاهد البهجة ومشاعر الفخر والاعتزاز بالوطن وقيادته وتذكر ذلك اليوم الخالد الذي أعلن فيه الملك المؤسس العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله - اسم المملكة العربية السعودية في 21 من جمادى الأولى 1351هـ الموافق 23 من سبتمبر 1932م الأول من برج الميزان ليعلن لأول مرة عن وجود مملكة عربية سعودية مترامية الأطراف هي في الحقيقة أقرب ما تكون إلى قارة بعد توحيدها ولم شتاتها وجمع كلمة شعبها على رؤية وقيادة واحدة؛ لإنجاز أهداف نبيلة سامية تخدم قبائل هذه الجزيرة وتحقق لها النهضة والتقدم والرخاء والازدهار.
لكن.. كيف غيبت الظروف والأحوال الفكرية والاجتماعية سنين عديدة مظاهر الاحتفال بهذه المناسبة على النحو المبهج الذي شارك فيه الجميع وغنت فيه أجمل الحناجر باسم الوطن كما وصفت ذلك قبل أسطر؟!
لا أريد أن نمضي في حفلة جلد للذات وتبادل لكؤوس الألم على ما مضى؛ إلا أن من الحكمة أن نستفيد دروسا مما عشناه خلال حقبة تقرب من ثلاثين عاما لننطلق إلى المستقبل بثقة ووعي وإصرار على رؤيتنا الوطنية الحضارية وما نحلم به ونخطط له بأن نكون مجتمعا إنسانيًا يعبر عن حالات الفرح ويرسم لوحات الفخر وينشد قصائد الحب لوطنه وقيادته في مواسم البهجة بالصورة العفوية التلقائية المنبعثة من قيمه الدينية وأصالته الاجتماعية التي تحفظ له توازنه وتحميه وتظهر جمال وألق ما تلقى وتعلم وتربى عليه من قيم دينية سامية وأخلاق اجتماعية موروثة عالية.
ومن خلال ما مررنا به من تطور ونهوض خلال سبعة وثمانين عاما أستطيع القول إن كل خطوة تنموية جبارة ملحة لم تأت عفوية؛ بل أصبحت حقيقة معاشة بـ»قرار» رسمي من الدولة وفقها الله، ولنأخذ مثالا: تعليم المرأة، التلفزيون، الابتعاث، ونحو ذلك.
والحق أن ما نشهده الآن من تغير إيجابي إلى «الأفضل» في هذه المرحلة المهمة لم يحدث إلا بقرار رسمي، وهذا القرار الواعي الناضج الحازم الواثق هو ما ننتظره في قادم الأيام لإحداث تحول أسرع في خطاه إلى المستقبل الحضاري المنشود.