مها محمد الشريف
لقد خلع الرئيس الكوري الشمالي لباس الدبلوماسية منذ زمن وارتدى زياً عسكرياً ليواجه به عشرات التحذيرات من الولايات المتحدة، ويرتكز ذلك على اعتبار أنها الحرب وحالة خطيرة تنقله من مواجهة التحذيرات إلى حيز التهديد والتنفيذ، وردد في عدة خطابات أنه لن يقف مكتوف الأيدي.
وبعد استفزازات عدة خابت بعض المحاولات الموجهة للرئيس الأمريكي دونالد ترمب في بداية الأمر حتى لمع الغضب في عينيه وكان أسرع تأثيراً مما يظن كيم جونغ أون. لذا، لا يمكن القول إن الاختباء خلف النوائب نوازع نحو النجاة، ولو وجد فيها ما يكفي لحياة تنحاز إلى تكوين جديد وكيفية مختلفة، فقد كان في استطاعة حكومته أن تتقي هذا التمرد الشيطاني والأخطار وتلك الأحقاد الدفينة منذ إدارة بوش.
فالغضب والتهور يجر البلاد إلى مصير مظلم فذلكم هو الغرور وفتنته، ولربما ما زالت الفرصة سانحة للحوار حتى بعد أن أصدرت وزارة خارجية كوريا الشمالية، «بياناً لتوضيح مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية عن دفع شبه الجزيرة الكورية نحو حالة لانفجار الحرب النووية الحرارية»، وهذه التهديدات أتت بعد حصار ومحاولات أمريكية لاعتراض السفن الكورية وستكون حرباً عادلة وعظيمة.
فقد أكره الشعب الكوري على إشعال هذه الثورة الممتلئة بالأعمال البشعة والاضطهاد والصراع من أجل الحياة وتم شحذ هممهم بالغضب والانتقام ووضعهم في حالة عصيان لأمريكا أمام الكاميرات، وتابع وزير الخارجية الكوري هجوماً لاذعاً على الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطاب أمام الأمم المتحدة، ووصفه بأنه «شخص مختل عقلياً مصاب بجنون العظمة».
وتابع قائلاً: إن الرئيس الأميركي أخطأ بوصف زعيم كوريا الشمالية بأنه «الرجل الصاروخ»، وارتكب خطأ لا يمكن تصويبه، وسيجعل صواريخنا تزور سواحل الولايات المتحدة، وأضاف: «إذا فقد الأميركيون أرواحهم، فإن ذنبهم في رقبة ترمب، وسيدفع ثمناً باهظاً لما قاله في حق كوريا الشمالية، وسيتحمّل تداعيات كلماته».
هل نستطيع القول إن الرئيس كيم جونغ أون، ملأته الآمال للسيطرة على العالم أو يرمي بنفسه وشعبه بين مخالب الموت؟ ويحارب عدواً من عالم آخر غير عالمه ويقضي على شرارة النقص التي يريد تعويضها في خانة القوة ومقارعة أمريكا والتساوي معها، أم أن ما ذهب إليه من تبرير حول الأسلحة النووبة للدفاع عن النفس والمصالح، ورد اعتبار لما فُرض عليه وعلى بلاده من عقوبات وحصار؟
إن القلق لا يكون إلا بدواعي الخوف من العواقب، على الرغم من أن السيد ترمب سيبذلُ قصارى جهده لعدمِ حدوثِ حربٍ نووية بين البلدين وإنهُ يجبُ على حلفاءِ كوريا الشمالية الصين وروسيا الوقوف بجانبِ الولايات المتحدة الأمريكية في تصعيدِ العقوبات ضدها.
لم يعرف الإنسان الخوف الحقيقي إلا بعد الحروب التي خربت بيوتهم وقتلت أسرهم فساروا إلى شرق الأرض وغربها بحثاً عن السلام والأمان، فلم يجدوا إلا ويلات الإرهاب في كل مكان بسبب الأنظمة الاستبدادية، وتم الاتفاق على تشريدهم وتوزيعهم على دول متفرِّقة من العالم.
لا يمكن أن نتطرق إلى مشكلة دون أن نذكر إيران التي تمارس عدة اختبارات إلى جانب نشاطها الإرهابي على صاروخ يسمى «خرمشهر» متوسط المدى الجديد الذي يبلغ مداه لألفي كيلومتر ويمكن تزويده برؤوس متعددة بعد حالة توتر بين طهران وواشنطن، في تحدٍ لتحذيرات الولايات المتحدة من أن تطوير الأسلحة الباليستية قد يدفعها للانسحاب من الاتفاق النووي الموقّع بين طهران والقوى العظمى في 2015 .
وهكذا تمضي حياة الدول المثيرة للشغب في العالم بين تهديدات ومعارضة للقوانين الدولية طمعاً في الظهور والسيطرة على القرارات الدولية، وكل منهم يخترق أفقه المحدد وقد تأججت نيران حماسهم الانتقامي من شعوبهم والعالم من حولهم.
هنا في الجزء القريب من منطقتنا روحاني يخطب ويهدد: «شئتم أم أبيتم، سنعزِّز قدراتنا العسكرية الضرورية في مجال الردع ونقوم بتطوير صواريخنا فحسب، بل كذلك قواتنا الجوية والبرية والبحرية»، وهناك في شرق آسيا «كيم جونغ أون يتوعد ويرعد» ويلغي ما يفرضه القانون الدولي، ولربما مضى وقت طويل قبل أن يرد الرئيس الأمريكي ترمب ما جعل الإحساس بالفوضى والاضطراب يصل إلى طريق مسدود، ولكن يطمح الخبراء السياسيين إيجاد حلول بديلة بإغلاق جسر داندونغ الذي يربط بين بكين وبيونغ يانغ وقطع الإستراتيجية التجارية للاقتصاد الكوري كبديل للحرب.