فهد بن جليد
هناك أخطاء صغيرة وهامشية نرتكبها مع زحمة تفاصيل الحياة اليومية - لا نُلقي لها بالاً -، ولكنها تبدو مؤشرات لأمراض خطيرة في المُستقبل، فمن الشائع أن تنسى لوهلة اسم الشخص الذي تتحدث معه، أو الموضوع الذي تتكلم عنه، أو لماذا أخرجت هاتفك، وبمن ستتصل، أو إلى أين ستتجه، ولكنك سرعان ما تتذكر، وتعود الأمور لنصابها الطبيعي.
لا بد أنَّك صادفت شخصاً يحدثك عن وجبة عشاء لذيذة تناولها ليلة البارحة، ولكنه نسي اسمها أو اسم المطعم، ويبدأ في التمتمة على طريقة (دقيقة يا بن الحلال اسمه على طرف لساني) ثم يتذكر ويكمل الحديث وكأنَّ شيئاً لم يكن، نحن نعتبر مثل هذه الحالات طبيعية في سياق الحديث، مثل تداخل أسماء الأشقاء أو الموظفين والاشتباه بينهم، نسيان الأغراض، المواعيد، المناسبات وغيرها، مما نستذكره بعد فوات الأوان.
العلماء نشروا هذا الأسبوع عبر مجلة (علم النفس العصبي) دراسة بحثية تؤكد أنّ هذه مؤشرات خطيرة على الخرف، أو الإصابة بالزهايمر المُبكر، خصوصاً عندما يعاني الأشخاص من مثل هذه الأعراض في سن مُبكرة (دون الخمسين) من العمر، وأنَّه لا يجب الاستهانة بالأمر ويجب التوجه للطبيب والخضوع للفحص اللازم، لمواجهة أزمة ضعف الإدراك الخفيف مُبكراً، وأعراض التغيرات المعرفية للأشياء قبل أن تتدهور الحالة مع تقدم العمر، كما قالت صحيفة (الديلي ميل) في عددها يوم أمس.
عدم الجزم بالحقائق في أبسط الأمور مُعضلة أخرى، تتمثل في الشك في أنك تناولت الإفطار اليوم، أو قمت بما يجب القيام به كأن تغسل وجهك أكثر من مرة، وتعيد تفريش أسنانك من باب الوسوسة الحميدة غير الضارة، ولكن الحالة قد تتطور إلى عدم اليقين كم عدد ملاعق السكر التي وضعتها في فنجان الشاي أو القهوة، ومثلها عدم تذكُّر كيف صرفت النقود التي سحبتها من الصراف ليلة البارحة، وعلى هذا يقاس عدم تصديقك لما يقوله ويخبرك به الآخرون، والتشكيك في صحة المعلومة وضرورة أن تتأكد منها بنفسك، وعدم الثقة في شخص كلفته بمهمة (موظف، ابن، زوجة، خادمة، سائق)، والحرص غير المُبرر في تقفِّي أثره، للتأكد بأنه قام بها بالشكل المطلوب أو مُحاسبته عند التقصير .. إلخ .
مثل هذه المؤشرات تدل على تعطُّل ذاكرتك وقدراتك العقلية (مؤقتاً) ويجب النظر إليها باهتمام كبير، ومُعالجتها مع الطبيب المُختص، فهي إنذار مُبكر بأنَّ الحالة ستتطور أكثر في المُستقبل -لا محالة- وعلى الإنسان العادي ومن حوله الانتباه لها.