جاسر عبدالعزيز الجاسر
بعد الأمر السامي بإقرار السماح للمرأة بقيادة المركبات الذي كان حلم الفتاة السعودية والكثير من المواطنين، يفترض ويأمل كل من سعد بهذا القرار أن يعملوا بجد وإخلاص لتأكيد سلامته ونجاعته وفائدته للمواطن والمواطنة وبالذات الفتاة السعودية.
الدولة من جانبها بدأت الإعداد لتوفير وتحقيق كل ملتزمات نجاح القرار وإلغاء الذرائع التي حالت كل السنوات الماضية دون إصدار القرار وتأخيره حتى يقتنع المجتمع السعودي وتهيئة الأجواء لجعل تطبيقه دون سلبيات، فالدولة شكلت لجنة على مستوى عالٍ من وزارات الداخلية والمالية والعمل والتنمية الاجتماعية لوضع الأسس والأطر والأنظمة وتهيئة الأجواء وإقامة الهياكل والمؤسسات والتنظيمات التي تجعل تنفيذ القرار متمشياً مع الأسس الشرعية والأنظمة وتراعي الضوابط الاجتماعية والسلوكية التي تحرص المجتمعات وبالذات المسلمة على الالتزام بها.
ولعل أول ما ستقوم به الدولة هو إنشاء مدارس لتعليم قيادة السيارات للفتيات تديرها وتعلم بها مدربات متخصصات لتعليم وتدريب الفتيات السعوديات، كما لابد من إنشاء جهاز مرور نسائي ليس من الضروري أن يكون بحجم وعدد ما هو موجود لرجال المرور إلا أن الضرورة تتطلب وجود شرطيات وضابطات مرور يتخصصن في التعامل مع المرأة التي تقود المركبات، وهو أيضاً مطلوب في الشركات التي تتعامل مع حوادث السيارات كشركة نجم وغيرها ممن يختصون بالتحقيق في حوادث الطرق والسيارات.
ولعل إعطاء فترة عشرة أشهر لاستكمال الأطر والأسس لتنفيذ القرار فترة كافية لإنجاز هذه المتطلبات أو تلك التي تراها اللجنة التي شكلتها الدولة من الوزارات المعنية.
الدولة استعدت لتنفيذ القرار وتهيئة كل السبل لتلافي أي أخطاء ولإلغاء الذرائع التي كانت عائقاً أمام تمتع المرأة السعودية بحق مشروع لها وهنا يظل أمام المجتمع السعودي مسؤولية إنجاح هذا الحق المشروع ودعمه من خلال الالتزام بالخلق الإسلامي والسلوك الحضاري والأخلاقي، فعلى الشباب بالذات عدم مضايقة الفتيات أثناء قيادتهن للعربات، والتعامل مع الأمر بصورة طبيعية وألا يحملوا الأمر أكثر مما هو مطلوب، وقد نشهد بعض التصرفات السلبية من الشباب في الشهور الأولى كالتجمهر حول سيارات الفتيات التي تشترك في الحوادث، أو إبداء «الشهامات» المفتعلة لبعض الشباب عندما تتعطل سيارة فتاة أو غيرها من السلوكيات المرفوضة، إلا أن ذلك سرعان ما يختفي عندما يعتاد الشارع السعودي على وجود فتيات يقدن المركبات، وهو ما حصل في دولة خليجية مجاورة.
تظل فقط مهمة خاصة بالفتاة السعودية نفسها، فالمرجو ألا تلجأ بعض الفتيات إلى «الفشخرة» والتباهي والاستعراض بإجبار أهلها بشراء سيارة فارهة تتجاوز المعقول ولا تتناسب مع فتيات في أول تجربة لهن في قيادة المركبات، وأن يظل ديدن وعهد الفتاة السعودية الالتزام الخلقي والديني لتأكيد جدارة المرأة السعودية في التمتع بهذا الحق المشروع.