علي الصراف
يقود الملك سلمان دولة عدل ورحمة وإنصاف. هذا هو الأساس. ولسوف يظل اسمه يرفرف عالياً بين الأبطال، لحزمه، وعزمه، وبسالته في الحق.
يسمو به سمو المؤمن المخلص المتجرد. لا ليكشف عن حكم رشيد، وإدارة تتحصن بالعلم والمعرفة والخبرة، فحسب، ولكن ليقود شعبه في معترك التقدم بميزان العقل والحكمة أيضا.
وكان من الطبيعي لدولة العدل والرحمة والإنصاف أن تُنصف المرأة السعودية، وأن تمنحها ما سعت إليه، بعد أن أثبتت للقاصي والداني كم أنها جديرة بكل ما تستحق، وكم أن إخلاصها ووفاءها جديران بالاحترام.
ولطالما كان يجب على المُنصف أن ينظر باحترام الى التشريع الذي حرم المرأة السعودية من قيادة السيارة. الكثيرون منا يعرفون أنه كان ينطوي على مظلمة اجتماعية وعلى تمييز غير ضروري. ولكن، لدى الوقوف على الدوافع والتفسيرات، ثم الدوافع والتفسيرات المضادة، فقد كان لابد من الصبر ليتغلب الرأي السديد. أما الاحترام فدافعه ثابت. وهو أن أحداً لا يصح أن يُنصب نفسه حكماً على ثقافة شعب، ولا عاداته، ولا رؤيته للحياة.
ومثلما يتعين أن تحترم العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية، حتى ولو كان فيها ما لا تقبله، فإن الواجب الأخلاقي يحتم عليك أن تحترم تفسيراته وتشريعاته، وأن تنظر اليها على أنها شأن خاص بأهله.
نحن نرى شعوبا تعيش وفقا لطرائق عجيبة. وفي الغالب نجد أنفسنا غرباء فيها تماما. ولا نجرؤ أن نماثلها في أي شيء. ولكننا نحترم قوانينها، ونلتزم بكل ما تمليه من ضوابط. ولو منحتنا فرصة، ولو ضئيلة لقبول الاختلاف، فإننا نكون من الشاكرين.
المسألة فيما يتعلق بحق المرأة السعودية بقيادة السيارة، ليست على الإطلاق مسألة انتقادات يطلقها من يحاولون أن يفرضوا أنماط عيشهم على الآخرين. فهذه لن تتوقف. والذين اعتادوا الصيد في الماء العكر لن يكفوا.
المسألة مسألة حق يتناظر من حوله المجتمع السعودي منذ وقت بعيد. والمجتمع يتغير، ورؤاه تتقدم مع تقدم الاقتصاد والعلاقات الاجتماعية والمكانة الدولية للمملكة.
المسألة مسألة إعادة نظر تمليها التوازنات الدافعة الى التقدم، فإذا ما صادفتْ عائقاً، أزاحته بحصافة واحترام.
إنها مسألة بناء على أسس متينة؛ مسألة ثراء نظرة الى المستقبل؛ مسألة حساب للإمكانيات وللممكنات، ولما يتوجب تحريكه من أجل جعل الطريق ممهداً للمزيد من القوة والاستقرار.
إذا كنت تقرأ لتستكشف، فاقرأ لكاتبات سعوديات، وسترى شيئين: جرأة في الحق، ووفاء. حتى لكأنهن مقاتلات يمتلكن من البسالة ما لا يجرؤ عليه الكثيرون. والوفاء للوطن ولقيمه الاجتماعية والدينية حصن يدافعن به عنه، قبل أن يدافعهن به عما يطالبن. وإذ يقتفين أثر المنطق والصلاح، فمن أجل أن يكون الصلاح مكسباً للجميع.
اقرأ لهن، ولسوف تسمع صوتا يتسم بالشجاعة ويحرص على ناصية الصواب الاجتماعي والأخلاقي والديني، ليس بأقل مما يحرص عليه الآخرون.
ثم اقرأ، وسترى معتركا نبيلا بين الصحيح والأصح منه؛ بين المعقول والأعقل منه!
ولكن، أنظر في المتغيرات الأكثر شمولا، التي يقودها هذا الملك البار بدينه وشعبه ووطنه وولي عهده الأمين، وسترى عملا دؤوبا من أجل بناء قوة دولية تتسم بالقدرة على خوض معترك التقدم؛ قوة تعرف ما تريد وتعرف إلى أين تذهب، وتوفر الإمكانيات، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والاستراتيجية وتحملها على محمل واحد، ليأتي البناء متوازنا ومتواكبا مع ما يحقق.
ولكن ثمة أساس أهم لكل هذا: إنها دولة عدل ورحمة وإنصاف. وهذه، دولة (بطبيعتها) تُصلح وتتجدد، لأنها تُنصف باستمرار.