ياسر صالح البهيجان
أتى الأمر السامي بالسماح للمرأة السعودية بإصدار رخصة قيادة المركبة في لحظة تحوّل حاسمة تقف فيها المملكة على أعتاب مرحلة تاريخية غير مسبوقة، استعدت لها بحزمة من الخطوات الجريئة لتجاوز العراقيل والمضي نحو مستقبل مجتمعي تنموي غير منكفئ على ذاته، بل يتأسس على الانفتاح والتعددية الخلاقة.
لماذا القرار يعد مناسبًا في هذه المرحلة تحديدًا؟، يعد كذلك لأن المملكة تتجه إلى تفعيل دور المرأة في العمل والإنتاج والإنجاز، ولن تتمكن من ممارسة نشاطها بكفاءة دون توفّر وسائل مواصلات مريحة تغنيها عن التنقل بسيارات الأجرة أو الركوب مع سائقي المشاوير الخاصة، فتلك الطرق تستهلك المال والجهد والوقت مقارنة بمنحها حق قيادة مركبتها بنفسها وفق الضوابط والأنظمة المعتمدة.
التزامات المرأة الحديثة تغيرت عما كان عليه الحال لدى نساء الأزمنة السالفة، وتسهيل وسائل التنقل لها بات ضرورة حياتية يومية لتتمكن من إتمام أعمالها، في ظل تزايد مشاغل الرجل أو خلو بعض المنازل من الرجال لأي أسباب اجتماعية، والمخاطر التي كانت تحدق بها فيما مضى لم تعد موجودة في زمن الدول القائمة على القانون والأجهزة الأمنية الثقيلة، لذا ليس ثمة مبرر حقيقي يمكن قبوله في تأخير قيادة المرأة للمركبة لتنخرط في مجتمعنا بسلاسة ودون معوقات.
المرأة السعودية جديرة بثقة مجتمعها، لديها القدرة والأهلية الكاملتين لإدارة شؤونها وقضاء حوائجها باستقلالية تامة، وما تحتاج إليه للقيام بذلك هو النظام الصارم الذي لا نشك في أن قيادتنا الحكيمة ستوفره لضمان سلامة المواطنات أثناء ممارستهن لقيادة السيارة، وتلك النظم أثبتت كفاءتها في الدول المجاورة، وحفظت للمرأة كرامتها، وهي بالتأكيد ستحقق ذات النتائج أن التزمنا بتنفيذها.
كما أن الشباب السعودي أصبح واعيًا أكثر من أي وقت مضى، متعلم ومتحضر ويدرك مسؤوليته في هذه المرحلة، والمجتمع يعوّل عليه كثيرًا لنجاح مساعي التطوير، ولن يتوانى في الالتزام بالأخلاق والمبادئ النبيلة التي تربى عليها، لذا يمثل شبابنا صمام أمان مجتمعي لحفظ الفتيات من أي تجاوزات، هنّ نصفه الآخر ولن يقبل بالإساءة لهنّ أو التعدي عليهن.
المجتمع السعودي جاهز لما هو أبعد من قيادة المرأة للسيارة، يتطلع إلى المساهمة في خطوات البناء والتطوير والتنمية في الأصعدة كافة. بعض الأفكار السلبية تجاهه لم تعد مقبولة بعد أن أثبتت التجارب مدى رقيّه في تعامله وأنه مجتمع مسلم وعربي أصيل له هويته القائمة على مبادئ سامية وراسخة لا تغيرها الظروف.