تزخر جبال المملكة بعدد من المواقع السياحية الجميلة، وتعتبر الجبال في الوجهات السياحية بجنوب وغرب المملكة من المقاصد السياحية الرئيسة، إلا أن تشويه المواقع السياحية في هذه الجبال بالتوسع العمراني السكني يؤدي إلى حرمان السياح من التمتع بها، وهذا ما حدث في عدد من المناطق بالمملكة.
وقد بدأت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالشراكة مع وزارة الشئون البلدية والقروية في تنفيذ مشروعات لمعالجة التشوه البصري بدأتها في الطائف وتحديدا في جبال شفا والهدا، كما تم الإعداد لتنفيذ مشروعات معالجة التشوه البصري في أبها.
وقد بحث ملتقى العمران السياحي في المناطق الجبلية الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني، في أبها، وسائل الحد من التشويه العمراني في المناطق الجبلية، سواء من حيث التوسع العمراني غير المدروس أو التشويه البصري والعمراني في المباني الموجودة في هذه المواقع.
وأكد الأمير سلطان بن سلمان في كلمته في افتتاح الملتقى أن المواطن هو الخاسر الأول من تدمير النسيج العمراني وتشوه البيئة الطبيعية في المناطق الجبلية.
ونوّه سموه بأهمية العمل المشترك من مواطنين وأجهزة حكومية ومطورين لمواجهة التدمير الذي يتواصل في المناطق الجبلية، مشيرًا إلى أن ذلك التدمير سيكون خسارة فادحة للمواطنين في مواقعهم قبل الدولة وخسارة اقتصادية فادحة للسياحة الوطنية كونها أحد أهم المكونات الاقتصادية لمستقبل اقتصادنا وفرص العمل الناتجة عنه.
ولفت سموه إلى أنه لا مجال للفصل بين عمران المكان والاقتصاد أو السياحة المحترمة، والسائح المتكرر هو أهم عنصر في الاقتصاد السياحي، وتكرار التجربة، ورفع مستوى النوعية الاقتصادية للسياح لا يحدث إلا أن تكون تجربتهم الأولى ناجحة وممتعة وفيها ارتباط بالمكان وطبيعته غير المشوهة وأهله وتراثه.
وأضاف سموه: كلما سافرت عبر المناطق الجبلية لبلادنا، كلما استشعرت تسارع انحسار البيئة الطبيعية وتزايد التشويه البصري.
يشار إلى أن الهيئة عملت بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية وإمارات المناطق لمواجهة التوسع العمراني على حساب اقتصاد السياحة وبيئة المناطق الجبلية، من خلال مشروعات من أهمها مشروعات معالجة التشوه البصري.
ويهدف المشروع إلى تحسين ألوان المباني مع اختيار وتوزيع قائمة ألوان تتناسب مع البيئة الطبيعية للمحافظة على تناسقهما معًا.
وكانت أمانة الطائف قد أنجزت بالتعاون مع الهيئة مشروعا لمعالجة التشوه البصري في الهدا والشفا اللذين يعدان من أبرز المواقع السياحية في المملكة لاحتواء التنافر في الألوان مع المحيط البيئي.
كما تعمل الهيئة حاليا مع كل من أمانة المدينة المنورة وأمانة عسير لتنفيذ هذه المبادرة، بما يحقق تنمية عمرانية إيجابية تحافظ على الخصائص العمرانية والطبيعية لمناطق المملكة ويسهم في جاذبيتها السياحية.
وأقرت أمانة منطقة الباحة اعتماد مشروع التشكيل البصري للمحاور الرئيسية لحاضرة الباحة، ضمن ميزانية هذا العام.
كما تم استحداث برامج مع وزارة الشؤون البلدية (عمران) وإدارات مختصة في الوزارة والأمانات والبلديات للتراث العمراني، واستصدار قرارات من الدولة تحد من التعدي على المناطق الطبيعية المميزة والشواطئ، وتقديم برامج غير مسبوقة لتطوير قدرات ومفاهيم شركائنا في البلديات والمحافظات من خلال استطلاع التجارب الدولية في المناطق الجبلية، عبر رحلات نظمتها الهيئة لشركائها في الأمانات والبلديات والمستثمرين لمواقع مختارة في صقلية وإسبانيا وإيطاليا وتركيا وغيرها.