يأتي التذكير باليوم الوطني كل عام، متفقاً مع ثوابت المملكة وقيمها، ويتحدد هدفه الرئيس في تعريف الأجيال الناشئة بقصة البناء وبطلها، وما قدمه في سبيل هذا الإنجاز الفريد، حتى يكون قدوة لهم يتحسسون خطاه ويتمثلونه دوماً وهم يسيرون على درب العمل والتضحية من أجل الوطن وسعادته، بخاصة وأننا نعيش هذه الأيام نشوة تجديد البناء، من خلال رؤية طموحة وثابتة يهندسها ويديرها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي ورث المجد كابراً عن كابر وهو الذي حظي أن يكون تلميذًا نجيباً في مدرسة سلمان بن عبدالعزيز الذي يعد أحد صناع مجد الوطن، من خلال مسيرته الطويلة مع إخوانه الملوك، إلى أن تسلّم الراية فانطلق بهمّته المعهودة وطموحه غير المحدود في البناء والحكم، برؤيته الثاقبة وإيمانه الصادق.
اليوم الوطني رمز لمسيرة طويلة بدأها المؤسس الملك عبدالعزيز، في سبيل إعلاء كلمة الحق ونشر العدل والطمأنية في ربوع البلاد التي مزقتها النعرات الجاهلية والعصبيات التي سادت في ظل عدم تطبيق الشرع الحنيف والاحتكام إليه وغياب الفهم الصحيح في اختلاف المذاهب الفقهية وجهل الغالبية بها، ما أدى إلى التعصب الأعمى الذي وصل إلى أن الصلاة الواحدة كانت تقام في بعض المساجد أكثر من مرة، وقد وفق الله الملك عبدالعزيز في وقت مبكر من حياته أن يستقرئ الواقع ويقف على حقائقه، فكان هدفه تخليص أبناء وطنه مما هم عليه، من فرقة وشتات، وأن يوحّدهم تحت راية واحدة تذيب كل ما بينهم من خلاف وانشقاق، وهي راية التوحيد التي حملت هذه البلاد لوائها حين أشرق نور الإسلام عليها، ونزل الوحي المبين على خاتم الأنبياء والمرسلين -صلى الله عليه وسلم- في بقعة من بقاعها الطاهرة.
وتميّز الملك عبدالعزيز بوضوح منهجه في الحكم، وجعل عقيدة التوحيد ركيزة دولته، وأساس بنائها وانطلاقها الحضاري، وكان يقول: «إن خطتي التي سرتُ -ولا أزال أسير عليها- هي: إقامة الشريعة الإسلامية السمحة، كما أنني أرى من واجبي ترقية جزيرة العرب والأخذ بالأسباب التي تجعلها في مصاف البلاد الناهضة مع الاعتصام بحبل الدين الإسلامي الحنيف».
وكان الملك عبدالعزيز دائماً ما يصرح بمنهجه الإسلامي وأنه أساس حكمه، فيقول: «إنني رجل سلفي وعقيدتي هي السلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة، أمّا قدوتنا -إن شاء الله- فهو عمر بن الخطاب من الخلفاء الراشدين، ذلك الإمام الذي حمل الدقيق على ظهره لإحدى أرامل المسلمين، وفي الأمويين، عمر بن عبدالعزيز الذي ضرب بعدله وزهده المثل، وإنني أود أن نفنى أنا وأولادي في سبيل الله».
هكذا واجه المؤسس
الأفكار الضالة
وبفضل رؤيته الواضحة وإيمانه القوي، واجه الملك عبدالعزيز بعض الأفكار والمعتقدات التي وقع في شركها عدد من بلاد المسلمين، كالشيوعية والاشتراكية وغيرها، خصوصاً بعدما أفلت شمس الإمبراطورية العثمانية، إذ كان البعض ينظر إلى الطرح الإسلامي على أنه غير مجدٍ، لكن الملك عبدالعزيز أدرك بحكمته ونفاذ بصيرته مبكراً خطل هذا الرأي، فلم يأخذ بهذه الهالة الكبيرة التي أحيطت بها التيارات الفكرية التي تتباين فيما بينها، وتتفق في الوقت ذاته على عداء الإسلام، وكان على وعي تام بهذا العداء الذي يعتمر قلوب الكارهين للإسلام فيقول: «وإني أرى كثيراً من الناس ينقمون على ابن سعود، والحقيقة ما نقموا إلا لاتباعنا كتاب الله وسنة رسوله، ومنهم من عاب علينا التمسك بالدين».
إن هذا الوعي والإدراك لحقائق التاريخ جعله يصرح أكثر من مرة ويؤكد أن «التمدين الذي فيه حفظ ديننا وأعراضنا وشرفنا مرحباً به وأهلاً، وأما التمدين الذي يؤذينا في ديننا وأعراضنا وشرفنا»، فوالله «لن نذعن له ولن نعمل به ولو قطعت منا الرقاب»، واليوم وبعد مضي هذه السنون الطوال على تصارع التيارات والاتجاهات السياسية والفكرية المتباينة في العالم، نجد أن كثيراً منها قد تهاوت وزالت من الوجود، بعدما انكشفت حقيقتها واحترقت شعاراتها، وعرف أبناء الأمة العربية والإسلامية أن الملك عبدالعزيز كان على حق، وعبّر الكثير منهم عن إعجابهم بتجربته التي اتسمت بالتفرد والتميز، وقال محمد جلال كشك: «عبدالعزيز بدا ظاهرة مخالفة لقوانين التاريخ، وحده كان يطرح الحل الإسلامي وينتصر وحده، كان يرفع شعارات أعتقد البعض أنها أصبحت في ذمة التاريخ وفقدت مفعولها، فإذا بها في معسكر عبدالعزيز تفعل الأعاجيب وتثبت أنها وحدها التي استطاعت أن تحقق إنجازاً هو الذي بقي، بينما تلاشت أوهام وأحلام الذين تخلو عن الإسلام في مطلع القرن العشرين بأمل النجاة من الاسترقاق الأوروبي، أو تحقيق التقدم المادي».
ولا تزال تلك الثوابت التي أرسى قواعدها المؤسس هي الثوابت نفسها التي تتمسك بها المملكة العربية السعودية، على مر الأيام والأجيال والتي ترمي إلى إعلاء كلمة الدين، وتثبيت قيم العقيدة الإسلامية السمحة والصحيحة، التي يتوارثها أبناء الملك عبدالعزيز الذين تولوا الحكم من بعده وها هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده يؤكدان على هذا النهج ويواصلان هذه المسيرة.
تفرّس «العقاد»
في المؤسس!
تكتسب قصة بناء هذا الكيان أهمية كبرى في الفكر السياسي المعاصر بوصفها حدثاً اكتملت فصوله في ظل ظروف محلية ودولية في غاية التعقيد، احتاج التعامل معه إلى صفات خاصة، قل أن تجتمع في شخصية واحدة، كما أنه حدث غير مسبوق في عالم يسوده التمزق والتشرذم، فضلاً عن وقوعه في عصر لا نزال نعيشه، مما يكسب هذا الحدث مقومات التفرد وأسباب التميز، لأنه إذا كنا نتأثر بنوادر البطولات وأعاجيب التجارب الإنسانية التي تسكن بطون الكتب، فإن من الأولى أن يكون تأثرنا بالغاً بتجربة نعيشها، ونحياها واقعاً ملموساً، وهذا ما جعل شخصية الملك عبدالعزيز وقصة تأسيس دولته الفتية محوراً لبحوث ودراسات قام بها كثير من الباحثين بلغات مختلفة، وأصبحت كتباً وجدت طريقها إلى مكتبات العالم، حتى يكاد المرء أن يقول: لا زيادة لمستزيد، إلا أن تعدد جوانب العبقرية في شخصية الملك عبدالعزيز يُبقي المجال مفتوحاً لكل من يحاول سبر أغوارها، ويغري ببذل المزيد من الجهد لاكتناه سر عظمتها.
ويقول عباس محمود العقاد: «ابن سعود من أولئك الزعماء الذين يراهم المتفرّسون فلا يحارون بأسباب زعامتهم ولا يجدون أنفسهم مضطرين أن يسألوا: لماذا كان هؤلاء زعماء؟.. لأن الإيمان باستحقاق هؤلاء بمنزلة الزعامة في أقوامهم أسهل كثيراً من الشك في ذلك الاستحقاق»، ويلخص السياسي البريطاني انتوني ناتنق هذا التحول بقوله: «إن الملك عبدالعزيز نجح في تحويل مجتمع الجزيرة العربية من قبائل مقتتلة إلى شعب يعي معنى المواطنة والاستقرار». ويورد جيرلد غوري في كتابه «ARABIAPHOENIX»: «لو أن قافلة أسقطت كيساً في الصحراء، فلا بد من العثور عليه بعد ستة أشهر في الموضع نفسه، فالأمن في المملكة العربية السعودية مدهش وهو أكثر شمولاً منه في أي بلد أوروبي». وأما جاك بنوا ميشان فكتب: «إن تاريخ هذا الأمير الشاب الذي تنحني أمامه اليوم كل الجزيرة العربية سيذكر على أنه من أكثر أحداث قرننا إثارة للدهشة».
رحل الملك عبدالعزيز وبقي نهجه يسير عليه من بعده، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه من أجل أن يظل هذا الكيان شامخاً مفتخراً بقيمه معتداً برسالته، رحم الله الملك عبدالعزيز رحمة واسعة، ورحم أبناؤه الملوك الذين تولوا من بعده قيادة هذا الكيان الشامخ، وحفظ الله لنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، ووفقهم في إكمال المسيرة وإنجاز المرحلة المقبلة من البناء التي تمثل نقلة نوعية خطط لها بعد استقراء التاريخ، وعلى أساس فهم الحاضر وتشخيص مواطن الضعف والقوة بمنهجية موضوعية، من أجل رسم مستقبل واعد ينتظره الجميع بفارغ الصبر، وإحاطة بالدعاء الصادق المقرون بالسمع والطاعة.
دلالات لبها الإنسان
بعد هذه المقدمة التاريخية، علينا أن نستخلص ما يجب أن نتعلمه من دلالات اليوم الوطني، في إشارات سريعة أسردها فيما يلي:
علينا أن نصطف خلف قيادتنا وأن نكون عوناً لهم في مواصلة مسيرة البناء والإصلاح، من خلال نبذ روح الكسل والاتكالية وشحذ الهمم، والعمل على ما يرفع مناقتصاد بلادنا، إذ إن القوى البشرية هي الثروة الحقيقة للبلاد.
وقد كشفت دراسات عدة أن مقدار ما يجده الإنسان من اهتمام وتمكين هو أحد أهم أسباب التفاوت بين الدول، فمن المعلوم أن التنمية البشرية هي المورد الوحيد الذي يتجدد ويتطور بشكل مستمر، كما أن إيجاد الحوافز الدافعة للإيجابية تحتاج إلى بيئة ملائمة تحث على التفكير وإعمال العقل في قضايا المجتمع وما يواجهه من تحديات على الصعد كافة، في سبيل إيجاد حلول مبتكرة لها واستحداث الوسائل والأساليب الكفيلة لتحقيق الطموحات في استشراف غدٍ أفضل.
ولا يكتمل فهم الأبعاد الحيوية للاهتمام بالفرد تنشئة وتربية وتعليماً، ومردودها في مستقبل الأمم والشعوب، إلا بالتعرف على الصياغة التي تطمح الأمة أن يكون عليها الفرد، ولعل ما أوردت هنا هو فحوى الأحاديث التي نسمعها من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حين يشرح ويبشر برؤيته المستقبلية.
ولا شك أن منظومة التعليم هي المحك الرئيس في تكوين سمات الإنسان الفاعل المؤثر في بيئته من أجل مواكبة العصر والتطلع إلى المستقبل، ولن يتأتّى ذلك مالم يكن النظام التربوي قادراً على إجراء الحوار والنقاش وطرح التساؤلات والأفكار بوضوح، فمن دون ذلك سيكون المتلقي عاجزاً عن الإبداع والابتكار، وبالتالي، لا يكون للمعلومة أي قيمة تذكر، حين تكون على هيئة أرقام وأشكال صماء، فأهمية المعلومات ليس في كثرتها، بل بالقدرة على توظيفها، من خلال التحليل والتمحيص.
إذاً ففاعلية النظام التعليمي مرهونة بمدى نجاحه في تنمية القدرة على النقد والخيال المبدع، والانتقال بالإنسان من إطار التلقين والتقليد وحشو المعلومات إلى إطار التساؤل وتزكية روح النقد العلمي، مما ينمي في النفوس الصفات العقلية والفكرية والوجدانية والخلقية التي تؤصل فيها الاستقلالية والاعتداد بالذات ومشاعر الانتماء للوطن، ولا يمكن أن يتم إعداد الإنسان وتكوينه ما لم تكن هناك رؤية شاملة تحقق توازن التكوين عاطفياً ووجدانياً وإدراكياً، بحيث توفر للشخصية المندفعة إلى التعلم خصائص الثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية والاعتماد على الذات، وبذلك تستطيع إيجاد الإنسان الذي ينظر إلى العمل بوصفه قيمة معنوية كبيرة تتضاءل إلى جوارها قيمته المادية، وفي رأيي أن ذلك هو جوهر ما تؤسس له رؤية 2030.
كما أنه لا تقدم ولا رقي مالم تكن هذه القوى منتجة، وقادرة على المشاركة الفاعلة في بناء مجتمعها، وأن تكون في الوقت ذاته قادرة على الدفاع عن مقوماته، بما أوتيت من صفات الشهامة والمروءة والإقدام التي صقلتها ثقافته الدينية المجتمعية.
مؤامرات عثمانية!
من المهم أن نعتز بسياسة بلادنا الخارجية التي تعتبر الصدق والوضوح من أهم مقوماتها، لأنهما جزء من قيمنا وأخلاقنا وديننا الذي نحتكم إليه، وتجعلها من المبادئ التي تلتزم بها في علاقاتها مع الدول الأخرى وفي تعاطيها مع الأحداث منذ تأسيس الدولة، إذ كان المؤسس يلتزم بها في سياسته الخارجية، في الوقت الذي كان التناقض سمة بعض الذين يوظفون سياساتهم لمآرب أخرى من خلال الدسائس والاحتيال، وما أكثر الأدلة التي توضح لنا تطبيق هذه القاعدة التي بدأها الملك عبدالعزيز وأصبحت مستمرة إلى يومنا هذا، فعند قيامه -رحمه الله- ببناء قواعد دولته وسط أمواج السياسة العاتية التي عصفت بأعظم الإمبراطوريات، استطاع أن يصمد أمام مؤامرات الدولة العثمانية وأن يرغمها على احترامه والاعتراف به بعد أن حمل الجيش العثماني على الخروج من القصيم، وعلى الرغم من تعدد صور المؤامرات التي حاكتها تلك الدولة ضد المؤسس، إلا أنه لم يستغل ضعفها إبّان الحرب العالمية الأولى ورفض أن يثور كما قال: «على دولة تتسمى بدولة الخلافة في محنتها»، ونظراً لما تتمتع به سياسته الخارجية من الشجاعة والوضوح وإعمال الندية، استطاع أن يحتفظ بحياده خلال الحرب العالمية الأولى على الرغم من الإغراءات التي قدمت له.
هذا النهج في السياسة الخارجية هو ذاته الذي تلتزم به سياسة الملك سلمان وولي عهده، وما أشبه الليلة بالبارحة، إذ تحاك مؤامرات وتلفق دسائس تستهدف لحمة الوطن وتتربص بأبنائه، بممارسات إعلامية وضيعة، تحاول عبثاً مواجهة سياسة الصدق والوضوح، لكن شعب المملكة لن يشك ولو لحظة واحدة في صدق نهج حكومته ووضوحه، ما يجعله يتمثل قول الشاعر:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
هكذا هم السعوديون وهكذا يجب أن يكونوا.
اللحاق بركب الأمم
علينا أن نجند أنفسنا من أجل هذا التحول الجديد الذي يهدف إلى بناء اقتصاد معرفي وتربية عالمية، ووضع معايير أخلاقية تضبط توجهاتنا وسلوكياتنا بعيداً عن الترهل والإسراف وغيرها من السلبيات، حتى نتمكن من الاضطلاع بمسؤولة إعمار الأرض والمحافظة عليها، كما أشارت إلى ذلك رؤية 2030، لنتجنب سلبيات الأمم التي سبقتنا في الإنتاج والتصنيع، ولنصل إلى توجه سليم لعلاقة الإنسان ببيئته على معايير عالمية نتسابق مع دول العالم الأول على تبنيها، بخاصة وأن المملكة تطمح من خلال رؤيتها الشجاعة للتنافس العالمي، كما ينبغي أن نستشرف المستقبل ونستعد له بكل تفاؤل وثقة مطلقة في قيادتنا الرشيدة.
علينا أن نعمل على تمتين سياجنا الأمني بتآزرنا ضد أي مهددات محتملة أكانت من الداخل أم الخارج، فالتمر لا يفسده إلا سوسه.. وأسباب الضعف ومواطن الداء قد تكمن في داخل الأمة أكثر من أن تكون نابعة من مؤامرات خارجية، فمن يتنطع أو يتشدد أو يكفّر ظناً منه أنه يحتاط أو يحمل المجتمع على العزائم، هو في الواقع إنما يقرب إلى قيعان التبرم من الديانة أو حرائق الإرهاب، يحدث ذلك حين تفقد المنهج القويم الذي تتخذه نبراساً لها، وتبتعد الأمة عن استقراء تاريخها والنظر بعين فاحصة إلى الأحداث التاريخية المهمة في مسيرة وطنها.
تجدر الإشارة إلى أن التثقف عن الوطن ينبغي أن لا يكون لمجرد التعرف إلى الجهود التي تم بذلت لوضع ركائز أمنه واستقراره فحسب، وإنما لأنه ضرورة، لما يمثله من أبعاد سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية تستحق بدورها البحث والدراسة لتعميق الحس الوطني، وهذه مسؤولية كبيرة ولا يمكن أن تضطلع به مؤسسات التعليم لوحدها، لأنها تمثل جزءاً من عمليات التربية والتنشئة الاجتماعية التي تتشارك فيها مؤسسات المجتمع الأخرى وأجهزة الإعلام المختلفة، والتي من شأنها أن تؤكد على مسؤولية التوجيه والإقناع اللذين يتصديان لمحاولات الغزو الثقافي والفكري الذي يقصد زعزعة القيم والتشويش على المجتمع، مما يحتم علينا تأصيل الحس الوطني في النفوس بتعميق عاطفة الولاء للوطن السعودي أرضا وكياناً. ولا سبيل إلى تأكيد هذه المعايير الوطنية إلا بالاعتماد على القدرات والملكات الذاتية وإحياء روح الاعتداد بهويتنا الوطنية وشخصيتنا الحضارية من خلال المعادلة الزمنية التي تستنطق ماضي أمة لها عراقتها وخصائها الحضارية المميزة، برؤية تستلهم تراثها للتحكم في حاضرها من طريق ثقافة ذكية يكون تحقيق الطموح امتداداً ونتيجة طبيعية لجهودها.
وخلاصة القول: علينا أن نتكاتف أجمعين ومنفردين في الذود عن حمى الوطن وقيادته، فهم رمز شرف الأمة وكرامتها وعنوانها وسيادتها.
** **
د. زيد بن عبد المحسن الحسين - مفكر سعودي