د.عبدالعزيز الجار الله
قرار قيادة المرأة للسيارة كان من القرارات التاريخية للدول الإسلامية والعربية في حينها في الخمسينات والستينات الميلادية بعد انتشار استخدام السيارات وقيادة المرأة للسيارة على نطاق واسع، ونحن اليوم نعيش القرار التاريخي بعد أن تأخرنا حوالي حوالي نصف قرن من الزمان وهي فترة كافية لمجتمع لتوه يعيش لحظة التوحيد ولم يعرف الاستعمار الطريق إليه، ووضعته القوى المهيمنة على العواصم المحيطة به في شبة المنفى، وعاش في عزلة حضارية وتم نسيانه في الوقت الذي نمت دول على حدوده وسبقتنا في التعاطي مع التحضر، حتى مكن الله له القيادة الكريمة لتنهض به، وتضعه جانباً إلى جنب مع خرائط الدول المتقدمة.
هذا القرار -قيادة المرأة- من البدء كان من القضايا الصعبة، تركت حلوله لخيارات عدة:
- قرار الدولة.
- قرار المجتمع.
- واقع تفرضه الحاجة.
- يحل بمرور الوقت.
فالدولة لا تفرض أمراً ضد رغبات شعبها، وتتخذ قراراً جبرياً يلزم به الجميع، كما أن المجتمع لم يحسم أمره في القبول أو المنع بالشكل الواضح والبين، يدفع باتجاه الموافقة أو المنع الصريح، أي الأمر بحالة تأرجح، فلم يكن بالوضوح والنضج، أما قضية الحلول بالزمن فقد طالت المدة حوالي نصف قرن والمجتمع في انتظار حسم الأمر الذي ترك حله للزمن.
لذا كان لابد للدولة في عهد الملك سلمان الحزم -حفظه الله- أن يحسم أمر قيادة المرأة للسيارة بعد توكله على الله ثم إحالة الأمر لأعضاء هيئة كبار العلماء وأخذ رأيهم الشرعي، حيث أيد أغلبية الهيئة و(صوتوا) لصالح الموافقة لقيادة المرأة، فأتخذ ولي الأمر قرار قيادة المرأة للسيارة وفق الضوابط الشرعية.
ليس كل الأمور يستطيع المجتمع حسمها واتخاذ القرار الجماعي أو الأغلبية، وليس الزمن وحده كفيل بإحداث التغيرات، فالعالم يتحرك بسرعة عالية، ولا نستطيع الانتظار نصف قرن آخر لتغيير قناعات البعض ويقبل التجديد، كما أن العادات والتقاليد والأعراق والصبغة الاجتماعية هي متحولة وليست ثابتة وفقاً لتطور الأحداث وتبدل ثقافات الشعوب نتيجة المعطيات الجديدة على الأرض.
ستشهد حياتنا الاجتماعية تحولات غير قيادة السيارة وعلينا أن نستعد لها من الآن ولا نكون مجتمع يمانع تطورات عالم اليوم بشرط أن تكون ضوابطها شرعية، الممانعة بحد ذاتها -المفتوحة والمجانية- عشنا تجاربها الطويلة وانتهت دون جدوى، مجرد جديلة تضررنا منها.