فهد بن جليد
لا أعرف كيف يقرأ بعض الصحفيين العرب -المقيمون في الغرب - المجتمع السعودي ومكوناته وتطوره، المساواة الأخيرة بين الرجل والمرأة في النظام المروري السعودي، ومنح رخص القيادة للنساء، كشفت ضعف ثقافة بعض هؤلاء عن المملكة، والمكانة المُتقدمة التي تبوأتها المرأة السعودية في مجتمعها، وطبيعة الحياة في بلادنا، هؤلاء بجهلهم عن السعودية والتحدث من تخيلات ومعلومات قديمة ومغلوطة، ربما يؤثرون في المُحيطين بهم في الغرب بنقل صورة خاطئة عن المملكة، تعتمد على النمطية الذهنية المُضلِّلة.
ليلة -أول من أمس- عشنا مثل هذا التخبط الإعلامي العربي عندما طرح مذيع برنامج النقاش على قناة (فرانس 24) سؤالاً غير بريء ومُبالغ فيه على الزميلة منى المنجومي الصحفية بجريدة الحياة (ضيفته من جدة) على الهواء مُباشرة بقوله (هل تبادل النظرات بين السائق الرجل والسائقة المرأة عند الإشارة مقبول في المجتمع السعودي؟ أم أنه نوع من الاختلاط، وستعملون على فصل في الطرقات بين الرجال والنساء)، بالطبع ضج الاستديو بالضحك من بقية الضيوف رئيسة تجمع السيدات اللبنانيات في فرنسا، وسعيد عبدالله الشيخ عضو مجلس الشورى، على هذا السؤال غير المنطقي الذي يدل على جهل طارحه بالسعودية وأهلها، وكانت إجابة الزميلة منى غاية في الوضوح عندما قالت أنت تتكلم عن أي زمن، وحاولت إيضاح أن الوضع مُختلف تماماً عما يتصوَّر، مؤكدة أنَّها كصحافية تحضر المناسبات العامة، وتعمل مع رجال بشكل طبيعي ووفق الآداب المعروفة.. إلخ.
شماعة الاختلاط، وعدم فهم معنى المَحرم والولاية، والحكم على المرأة السعودية وطبيعة حياتها المُنسجمة داخل مُجتمعها، من خلال ما يتصوره هؤلاء القابعون في العواصم الأوربية مُنذ عشرين عاماً وأكثر، ببعض المعلومات المغلوطة والصورة السوداوية التي يكررونها ويُروِّجونها عنا، فيه ظلم كبير وتجني على مُجتمعنا وحضارتنا وتقدمنا، وتقليل من مكانة المرأة وما وصلت إليه في بلادنا، ولعل قضية واحدة تحصل عليها السعودية العاملة كمساواتها مع الرجل في الأجور تلجم أفواه مثل هؤلاء، كون بعض النساء في الغرب مازلنَّ يناضلن من أجل الحصول على ذلك، الأستاذ سعيد الشيخ عضو مجلس الشورى أوضح للمُذيع بأدب، وحاول أن يفهمه بأنَّه بالغ في سؤاله وفي طرحه، بشكل غير منطقي، ليحاول المُذيع الدفاع عن نفسه بالعودة للمربع رقم واحد (وهل منطقي ألا تقود المرأة السيارة في السعودية)؟.
مثل هذا الهروب يؤكد عدم براءة السؤال في الأصل، مما يدفعني للطلب من الإعلاميين العرب العاملين في وسائل الإعلام الغربية الحصول على دورات فهم (طبيعة المجتمع السعودي ومستوى حضارته وتقدمه) قبل السماح لأنفسهم بمُناقشة قضاياه.
وعلى دروب الخير نلتقي.