النظام العام والخاص تحكمه قواعد شرعية، ولوائح نظامية يسنها ولي الأمر للمصلحة العامة، هي مستمدة من هذه القواعد ومظان السياسة الشرعية. والمملكة العربية السعودية منذ توحيدها على يد مؤسسها جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله ومن جاء بعده من ملوك هذه البلاد إلى عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يحفظهما الله وهي تسير على هذا المنهج، والنظام الأساسي للحكم في مادته السابعة نص على (يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة)، وهو أمر يتم التأكيد عليه في كل ما يهم هذه البلاد، كما أن ولي أمرنا وفقه الله عند إصداره أمراً إنما يسترشد بهيئة كبار العلماء، والأمثلة كثيرة سواء ما يتعلق بالفتاوى الكبرى كأمن البلاد أو في غيرها فيما يتعلق بمصلحة البلاد والعباد، وهذا أمر مستقر ترتب عليه محامد كثيرة يلمسها ويراها كل متابع ومدرك في الداخل والخارج، وقضية قيادة المرأة للسيارة بُحثت بحثاً مستفيضاً، وكتب فيها المختص وغير المختص، وهي قضية - أيضاً- شغلت بال الداخل والخارج، على كافة المستويات والأصعدة، وحين صدر الأمر السامي باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية - بما فيها إصدار رخص القيادة - على الذكور والإناث على حد سواء. وهذا الأمر السامي سبقه دراسات وبحوث شرعية واجتماعية، تلاها قرار من هيئة كبار العلماء بالموافقة بأن قرار قيادة المرأة للسيارة أمر مباح، توج بالأمر السامي المشار إليه، وتوج بتشكيل لجنة من الجهات المختصة لوضع ضوابط تحفظ للمرأة كرامتها وتدفع عنها أذية السوء.
والنقاش الجاري بين أطياف أهل العلم وغيرهم، إنما يدور حول قضية أصلها الإباحة، والمقرر شرعاً أن ولي الأمر له سلطة الاختيار حول المباح تقييداً وإطلاقا، والأمر السامي المنوه عنه إنما أطلق أمراً مباحاً في أصله فمن شاء أخذ به ومن شاء بقي على اختياره.
وبالله التوفيق
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وسلم.
** **
بقلم الشيخ/ عبدالعزيز بن صالح الحميد - رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض