1 - منذ أو وجدت الخليقة والمرأة تشارك الرجل سواء الأب أو الأخ أو الزوج أعباء الحياة ومشاقها سواء في أعمال الرعي أو الزراعة أوالتجارة أو سواها، مستعملة في ذلك كل ما يستعمله الرجل في عمله أو حله وترحاله من وسائل الركوب المتوفرة آنذاك من جمال وبغال أو خيل وحمير. فلماذا نقف الآن في عصرنا هذا الذي بلغت الحياة فيه تعقيدات لا حصر لها حائرين أمام هذا الأمر الذي أصبح في مقدمة متطلبات معيشتنا اليومية، من مشرب أو طعام وملبس. ويمكننا هنا إبراز الظروف التي تلزمنا في وقتنا الحاضر إلى النظر بجدية بالغة إلى مسألة قيادة المرأة للسيارة كضرورة من ضرورات الحياة اليومية وذلك في العناصر التالية:
- كانت الحياة في المدن تتميز في العقود الماضية بنواح عدة لم تعد تنطبق علينا في عصرنا الحاضر، منها أن الحاجة للانتقال عن طريق السيارة كان محدوداً للغاية بحكم صغر مدن تلك العقود، فنجد مثلاً أن غالبية المدارس في معظم المدن آنذاط لا تبعد كثيراً عن الأحياء السكنية. وينطبق الأمر على المستوصفات والأسواق. كما أن المرأة لم تكن حتاجة للعمل لبساطة الاحتياجات الأسرية ومحدوديتها علاوة على أن المرأة ذاتها لم تكن مهيأة علمياً لذلك، بخلاف ما كان الأمر عليه في الأرياف والبوادي حيث تقوم المرأة ولا تزال بأعمال عدة كالرعي وجلب الحطب وأعمال الزراعة بالإضافة إلى أعبائها المنزلية والعناية بصغارها.
- إن غالبية الأسر الآن وبسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وأجور السائقين وعمليات استقدامهم أصبحت مسائل الانتقال في مقدمة معاناتها المستمرة، كما أن تكاليف المعيشة ستزداد عبئاً مع مرور الأيام مما لابد أن يترك آثاراً لا يستهان بها على ميزانية كل أسرة. فكما أن أسعار النفط تتسارع في الازدياد يومياً فإن أسعار السلع التي نستوردها من الخارج ومنها المواد الغذائية تزداد يومياً على نفس المنوال.
- يقول معظم المعارضون لمسألة قيادة المرأة للسيارة أن القيادة في حد ذاتها لا تمثل الخطر الذي يجب الحذر منه، بل ما سيتيحه ذلك للمرأة من حرية التصرف واحتمالات الخلوة غير المشروعة وبالتالي فإن هذا التوجه سيؤدي إلى انتشار الفاحشة في المجتمع.
2 - إن الرد الصائب في رأينا على هذا الطرح البالغ التشاؤم يتمثل في الآتي:
- إن احتمالات الضرر من قبل استخدام السائق الأجنبي تفوق بمراحل ما يمكن أن ينجم من أضرار من قيادة نساء الأسرة بأبنائها سواء بالنسبة للأطفال من طالما انفرد أو ينفرد بهم سائقون أجانب أو حتى السائقون من المواطنين في بعض الأحيان. والأمر ذاته ينطبق على الفتيات المراهقات وسواهن مما يمثل خطورة بالغة على الجميع.
- مع احترامنا البالغ لعلمائنا والحريصون لاشك على الفضيلة في بلادنا وبالنسبة لرؤيتهم لقيادة المرأة خاصة، إلا أن الأمر يحتم علينا أن نقف متسائلين: ألا يؤخذ هذا التوجه، إن صح، على أنه دليل قوي على ضعف ملحوظ في أخلاقيات المجتمع رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً، وأنه قصور في تعليمنا الديني وفي تقاليدنا وتربيتنا الأسرية لأبنائنا وبناتنا؟.. وأنه وفق هذه النظرة المؤسفة والمتدنية نحو أبناء وبنات هذا الوطن ان مجرد التفكير بأن السماح للمرأة بمسك مقود السيارة ما هو إلا إشارة خضراء لها لتهرع مسرعة للبحث عن شريك لها في خفوة غير شرعية. إن هذا المسار من الفكر يمكن اعتباره في رأينا نظرة تشاؤم وتقييم يائس لأخلاقيات أبناء وبنات هذا المجتمع العربي المسلم في الوقت الذي لم يردنا أن السماح للنساء الخليجيات بقيادة السيارات أدى إلى انتشار الرذيلة في دول خليجنا العربي.
- فإذا كانت هذه النظرة الدونية للمرأة أو الفتاة في بلادنا بهذا المستوى من الاحتقار فلنا أ، نتساءل أيضاً ألا يمكن أن يكون السائق الأجنبي هو الوسيلة الأقرب والأسهل لتحقيق مآربها سواء مباشرة أو بإيصالها لمن تسعى للالتقاء به وذلك بوضع مقدار من الريالات في كفه لاشك سيتقبلها شاكراً لكونها ذات نفع كبير لأسرته في بلاده.
3 - إن مسألة قيادة المرأة للسيارة تستحق أعطاءها نظرة وعناية فائقتين. فنحن لا يمكن أن نستمر في تجاهل متطلبات الحياة اليومية لمعظم الأسر في بلادنا. نعم هناك أسر تستطيع استقدام أعداداً وفيرة من السائقين ولكن ماذا عن البقية من الأسر ممن لديهم من الأطفال صبياناً وبناتاً ممن تحدق بهم احتمالات أخطار لا حصر لها لكونهم يمثلون الأغلبية.. فبخلاف احتياجاتهم اليومية الكثيرة فهم بحاجة يومية لمن يقلهم ذهاباً وإياباً للمدارس والإياب منها، وللذهاب للمستشفيات أو المنتزهات ولزيارة الأقارب وخلاف ذلك؟. إن الوضع الحالي يحتم علينا إفهامهم أن عليهم استقدام سائقين أجانب إذا لم يستطع رجال الأسرة تأمين تنقلاتهم أو أن لا يبرحوا منازلهم.
نعم هناك الكثير من الأسر ممن يستطيع الأب أو الأخ المساعدة في معظم الأحيان. ولكن احتمالات المرض والوفاة وسواها مما قد يحول دون ذلك كثيرة، فقد يتغيب الابن أو الأخ لظروف العمل وسواها، فماذا يحدث إذاً لهذه الأسر عند ذلك ممن لا يتوفر لهم إمكانية توفير السائق الأجنبي؟.. وماذا عن المطلق أو الأرملة أو المقطوعة من شجرة؟.. والأهم ماذا عن مئات الألوف من النساء العاملات ممن يضطررن لدفع نصف الراتب أو جزء منه للسائق الأجنبي؟ وقد يكون الجوانب عند البعض ولماذا العمل بالنسبة لهن؟.. والجواب هنا يعني تجاهل ما حدث من تحولات كبيرة في حياة المجتمع في مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وما يعنيه ذلك من تحول في الاحتياجات اليومية لمتطلبات الحياة وأعبائها المتزائدة.
ثم إن فتاة اليوم وقد حصلت على قسط من التعليم والاختصاص لتخدم وطنها فلماذا الحجر عليها في المنزل وكأنها قطعة من أثاثه لا غير؟.. لقد أصبحنا في موضع لا نحسد عليه أمام العالم بمنظماته الحقوقية ودوله وخلافها بالنسبة لنظرتنا وأسلوب تعاملنا مع المرأة مقارنة بما وصلت إليه المرأة من مكانة لدينا وخاصة أننا من الدول الموقعة على الاتفاقية الدولية لمناهضة التمييز ضد المرأة مع تحفظنا على ما يتعارض مع أحكام الشريعة.
4 - سيتحقق من جراء ذلك توفير أكثر من 400 ألف وظيفة سائق أجنبي علاوة على توفير مبالغ طائلة من الأموال التي تخرج من البلاد كأجور لهؤلاء السائقين مما سينعكس بطبيعة الحال على اقتصاديات البلاد ومئات الألوف من الأسر فيها.
وأخيراً ما أثرناه هنا من أمور وتساؤلات تستحق النظر فيها وتأملها بجدية بالغة لأننا لا يمكن أن نستمر في إغفالها أو تجاهلها تماماً.
* الضوابط التي نرى أنها ستعين في تذليل الصعوبات أمام قيادة المرأة للسيارة:
1 - فيما يتعلق بالسيدة والفتاة التي ترغب في قيادة السيارة:
- على كل امرأة أو فتاة تبلغ من العمر 18 عاماً أو أكثر وترغب في الحصول على رخص قيادة خاصة أن تتقدم إلى إدارة المرور في المدينة التي تسكن فيها وذلك بعد أخذ موافقة أحد كبار الأسرة.
- أن يتم وضع ترتيب معين من قبل إدارة المرور خاص بالمرأة للتأكد من مهارة المتقدمة للقيادة ومعرفتها تعليمات المرور.
- على من تحصل على الرخصة الإقلال من مساحيق الزينة أو التخلص منها كلياً للحد من نظرات المتطفلين عند توليها القيادة.
2 - فيما يتعلق بأجهزة المرور في المدن:
- يجب تخصيص نمرة هاتفية معينة لتتمكن النساء السائقات من الاتصال بها عند الضرورة في حالة حدوث معاكسات أو أعطال.
- في حالة تسجيل نمرة سيارة أحد المعاكسين تقوم إدارة مرور المدينة بإيقاف عربته يوماً كاملاً. وفي حالة تكرارها تسحب منه الرخصة لمدة أسبوعين، وعند التكرار الثالث تسحب الرخصة لمدة ثلاثة شهور، وفي حالة التمادي يحال المخالف للمحكمة المعنية للحكم عليه بالسجن أو الغرامة أو كلاهما معاً.
- لا تقبل وساطة كائن من كان في حق المخالفين لهذه التعليمات على أن يتم الإعلان مسبقاً عنها بواسطة جميع وسائل الإعلام العاملة في البلاد.
والله ولي التوفيق،،،
** **
- أخوكم/ تركي بن خالد بن أحمد السديري