لبنى الخميس
أولاً: صحيح أن الإلهام يأتي كهدية غير متوقعة.. أو هبة غير منتظرة.. لكن أمام الإلهام يجب أن تكون لاعب سلة محترف جاهز لالتقاط الفكرة في أي لحظة وتحويلها لهدف خطير تضج لروعته الجماهير.
ثانياً: الإلهام هو الابن البار للفضول.. والصديق الوفي للفضوليين والشغوفين بالمعرفة.. إذا سمعت بيت شعر مؤثراً ابحث عن الشاعر والقصيدة، وإن عبرت بجانب مبنى لفت انتباهك استفسر عن هوية المعماري، وإذا قابلت شخصاً ناجحاً اسأله عن أسرار تميزه، هذه الأسئلة بمثابة تدريب لعقلك على التفكير والتقاط الإشارات وربط الحقائق وبالتالي الخروج بأفكار عظيمة.
ثالثاً: قراءة الكتب، ومشاهدة الأفلام ليست فقط عاملاً مساعداً لاستجلاب الإلهام.. لكنها أيضاً ترفع من معدل ذكائك فبحسب مقال قرأته مؤخراً في مجلة الإنتربنور هناك أفلام من المحتمل أنها توسع مداركك وتفتح آفاقك.. منها أحد أجمل أفلام الكرتون «inside out» من إنتاج بيكسار، والتي تدور أحداثه داخل دماغ طفلة، بالإضافة إلى فيلم The Beautiful Mind المقتبس عن سيرة عالم اقتصاد ورياضيات حائز على جائزة نوبل جون ناش.. وفيلم GOOD WELL HUNTING الذي استعانوا فيه بأستاذ رياضيات من جامعة ام آي تي لاستشارته بالمعادلات المعقدة التي ظهرت بالفيلم.
رابعاً: كان الإغريقيون القدامى يسمون المشي برياضة الفلاسفة لما يمنحه من سكينة وحكمة وصفاء ذهني، وكثير من كتّاب العصر الحديث مثل تشارلز ديكنز وهنري ميلر كان يتعمدون أن يضيعوا في شوارع المدن الأوروبية بأقدامهم التائهة وعقولهم المفتوحة للالتقاط خيوط الإلهام.
أخيراً: وقوفك في أعلى نقطة في المدينة، قد تبدو فكرة غير مألوفة لاستحضار الإلهام، ولكن فكر بها! فرصة أن ترى كل ما تعودت أن تشاهده في مدينك.. شوارعها الطويلة, بناياتها المتراصة، الحي الذي تسكن فيه, ومقر عملك.. من زواية جديدة شعور غريب وملهم فعلاً.. يمنحك الفرصة لرؤية الشيء نفسه.. ولكن بصورة مختلفة.... بجرعة جمال ودهشة.
ختاماً.. جمال الإلهام يكمن في ندرته.. ووصوله يكون عادة وأنت على حافة فقدان الأمل.. وأنت تهمّ بإغلاق الدفتر.. ورمي الأوراق.. وإنهاء جلسة العصف الذهني.. لا تحاول السيطرة عليه.. بل اسمح له بأن يتغلغل بأعماقك.. ويحلق بك بجناحين من نور في فضاء الإبداع.. وسماء الدهشة.