ياسر صالح البهيجان
خطوات تمكين المرأة السعودية تتسارع بفضل حكمة القيادة، وإدراكها أن الوطن يحفل بكفاءات نسوية لا تقل شأنًا عن الرجل. ومن هذا المنطلق صوّت مجلس الشورى بالأغلبية على ضرورة إشراك المرأة في مجال الفتاوى في ظل وجود كوادر متخصصة في الشريعة، ولديها القدرة على الاجتهاد والإفتاء أسوة بالمشايخ الرجال.
في مجتمعنا هناك آلاف النساء المتخصصات في الكليات الشرعية، أمضين جزءًا وافرًا من حياتهن في البحث العلمي في مجالات الفقه والعقيدة والعبادات والمعاملات، وأنتجن دراسات رصينة في فقه الواقع ومتغيراته، ويمتلكن حصيلة علمية دينية جديرة بأن يُستفاد منها في مركز الإفتاء لخدمة دينهن ووطنهن، وهن أهل لهذه الثقة.
التاريخ الإسلامي حافل بالشيخات والمفتيات منذ زمن أمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات، ولم تعدم حقبة زمنية في تاريخنا من وجود نساء فقيهات يتصدرن الفتاوى، ويجتهدن في المسائل الخلافية؛ لذا نساء مجتمعنا لن يكنّ بدعة في هذا الميدان، بل سيشكلنّ امتدادًا لمن سبقهن، وسيسهمن في الحفاظ على إرثنا الحضاري الراقي المبني على مبدأ المساواة بين الجنسين في حدود ما تسمح به شريعتنا المطهرة.
المرأة لديها من رجاحة العقل ما يكفي للمساهمة في الميدان الشرعي، كما أن قرار إتاحة المجال لها يقطع الطريق على من يكيّف بعض النصوص بهدف الانتقاص من النساء. ويؤكد القرار كذلك أن لديها قدرات لا تختلف عن الرجل إن لم تتجاوزه أحيانًا؛ لذا فإن لوجود المفتيات السعوديات انعكاسًا إيجابيًّا لتصويب العديد من الأفكار المغلوطة عنها، التي سادت في أزمنة الجهل.. والتحول في ذهنية المجتمع تجاه نظرته للمرأة بات مطلبًا ضروريًّا في ظل مساعي التطوير والبناء التي يقف مجتمعنا على أعتاب مراحلها الأولى.
ثمة قضايا شرعية نسائية بحتة، لا يدرك أبعادها سوى النساء، والمجتمع بحاجة إلى المفتيات ليفهمن التساؤلات المطروحة التي تعد منطلقًا رئيسيًّا لإصدار فتوى متوافقة مع حال السائلة وظروفها، التي قد يمنعها الحرج من الكشف عنها للمفتي الرجل؛ لذا فإن إشراك المرأة في الفتوى مطلبٌ شرعي في ظل تزايد تعقيدات الحياة، وضرورية أيضًا لتمكين النساء من الوجود في شتى الميادين ما دامت تمتلك القدرة والكفاءة أسوة بأشقائها الرجال.