عبدالله العجلان
فاز الهلال على بيرسبوليس الإيراني في ذهاب نصف نهائي آسيا بأربعة أهداف نظيفة. كانت نتيجة منطقية، تعبِّر عن مستواه الفني العالي الذي كان عليه رغم طرد لاعبه عبدالله عطيف بداية الشوط الثاني. ما قدمه الهلال في هذا اللقاء حظي بأصداء وإشادات إعلامية واسعة خليجية وعربية ودولية، جعلته في نظر الكثيرين مرشحًا قويًّا لنيل كأس بطولة آسيا الحالية، وهو بالفعل جدير ومؤهل لتحقيقها لتوافر كل العناصر الفنية والإدارية المطلوبة لبطولة كهذه، لكن هذه وحدها - في تقديري - لا تكفي، بل قد تنقلب إلى ضرر على الفريق، سواء في مباراة الإياب، أو في حالة تأهله للمباراة النهائية لمقابلة بطل شرق القارة. ولا أبالغ لو قلت إن كل النتائج والمستويات التي قدمها الهلال ومعها جهود الإدارة والمدرب ووقفات الجماهير وأعضاء الشرف في النسخة الحالية ستذهب هباء، وكأن شيئًا لم يكن، إذا استسلم اللاعبون للمدائح الموجهة لهم، وظنوا أن البطولة باتت هلالية لا محالة.
للتأكيد على ذلك رأينا الهلال في بطولات آسيوية سابقة مؤهلاً لتحقيقها مقارنة بمستواه وإمكاناته مع الفرق الأخرى المنافسة، لكنه أخفق في غير مرة بسبب سوء التعامل مع هذا النوع من المباريات التي تحتاج لاحترام الخصم، وللانضباط التكتيكي، والتهيئة الإدارية، والتركيز والجدية والروح القتالية في الأداء من اللاعبين في المقام الأول.. تمامًا كما حدث أمام بيرسبوليس بعد طرد عطيف، وكيف استطاع وسط هذه الظروف الصعبة ليس فقط المحافظة على مرماه بل أضاف الهدفين الثالث والرابع.
أجزم بأن رئيس النادي الأمير نواف بن سعد بخبراته ونجاحاته وعقلانيته يدرك أهمية هذه المرحلة من البطولة، وحساسية مبارياتها المفصلية الحاسمة؛ لذلك سيكون حريصًا على توفير الأجواء التي تجعل الفريق في قمة حضوره وجاهزيته، وعدم تأثره بالضغوط والصراعات الإعلامية، كما يبرز هنا دور المدرب دياز في واقعيته وحسن اختياراته للتشكيلة المثالية وطريقة اللعب المناسبة.. هذه كلها من المفترض أن يبدأ الاهتمام بها والتخطيط المتقن لها من الآن.
الحق أبلج والباطل لجلج!
كتبت في تويتر بعد قرار معالي رئيس هيئة الرياضة إلغاء لجنة التوثيق: «تلغى لجنة التوثيق وتبقى لغة الأرقام»، بمعنى أن أرقام البطولات الرسمية والمعترف بها والموثقة تاريخيًّا وفي قلوب وعقول وذاكرة الجماهير قبل أن توثقها الأوراق واللجان هي الباقية والمقنعة والمقبولة من الجميع، حتى لو حاول البعض طمسها والتلاعب بها ظاهريًّا لأسباب تتعلق بالميول، وربما بالملاسنات والحروب الإعلامية..
ولأن الحق أبلج جاء بيان اتحاد الكرة المبني على توجيه رئيس الهيئة بشأن معايير توثيق البطولات ليؤكد هذه الحقيقة، وينصف جهد وخطة عمل وأيضًا معايير اللجنة السابقة برئاسة الخلوق والإداري المتمرس تركي الخليوي؛ إذ نص البيان على ما سبق أن نوهت عنه وحددته اللجنة بالنسبة لكيفية وآلية احتساب البطولات، وتحديدًا في استبعاد بطولات المناطق والبطولات التنشيطية والودية، إضافة إلى اعتماد البطولات التي أُقرت بعد إنشاء اتحاد الكرة عام 1375هـ.
وخلاف أن بيان اتحاد الكرة جاء منصفا لأداء لجنة التوثيق، التي لم يقتصر عملها على بطولات كرة القدم، وإنما شملت الألعاب كافة، فإن الغريب واللافت للانتباه وللاستياء في الوقت ذاته هو تباين مواقف الكثير من الإعلاميين في التعامل مع هذا البيان؛ فبالرغم من أن مضامينه تتفق وتؤيد عمل اللجنة السابقة إلا أن طريقة تناولهم له اتسمت في غالبيتها بالقبول والهدوء والترحيب به، أو بشكل أدق عدم الاعتراض عليه. ولم نسمع من أولئك المشككين المحتقنين الذين لم يتركوا مفردة إساءة وطعن واتهام وتجريح إلا وأمطروا بها اللجنة ورئيسها وأعضاءها، وقبلهم رئيس الهيئة سابقًا الأمير عبدالله بن مساعد.
يوم بعد آخر يكتشف المتلقي أن إعلامنا الرياضي يعاني بالفعل من أزمة في الفكر والثقافة والمهنية، وبدلاً من أن يتسلح الكثيرون بهذه المتطلبات الضرورية للإعلام الصادق النزيه أصبح الابتذال شعارهم، والكذب أسلوبهم، والتطبيل مؤهلهم، والغوغائية شرط إبرازهم وسر استضافتهم في برامج التأجيج والتهريج.