أ.د.عثمان بن صالح العامر
في الوقت الذي يخوض فيه البعض منا وينكث في أمور ليست سهلة، ولا هو مسئول عنها أمام ولي الأمر ولا حتى المجتمع لا مباشرة ولا بالوكالة، ولا هي في دائرة تخصصه ولا اهتمامه أصلاً، منطلقاً فيما يقول ويكتب ويغرد من شعوره الوطني وغيرته المجتمعية التي لا أستطيع أن أشكك فيها ولا أنتقص منها، ولكنني أكاد أجزم أنه خانه التعبير عنها، في هذا الوقت تجده يقصر ويتهاون في أداء ما أنيط به من عمل رسمي يخدم به مجتمعه ويشارك مشاركة حقيقية في تسريع عجلة تنمية وطنه مقابل عائد مادي وبناء على عقد شرعي بينه وبين الدولة، فضلاً عن عجزه الحقيقي عن القيام بدور القوامة في مملكته الخاصة وإدارة أسرته بالشكل الذي نُدب إليه من ربه وجاء الأمر به صراحة على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وكان الأحرى به دينياً ومواطنة ومجتمعاً أن يلتفت إلى هذا الكيان الصغير أولاً فيقوم عليه أحسن قيام، مما ينعكس في النهاية على المجتمع بأسره، وفي ذات الوقت يعمل بجد لإنجاز ما تعلق بذمته من عمل جراء أخذه عائداً مادياً شهرياً فيتقنه ويقدمه للمجتمع بأحسن صورة ممكنة وفي أسرع وقت متاح.
إن ترتيب الأولوية من حيث الأهمية في حياتنا المعاصرة أمر يحتاج من الجميع التفكير حوله، وإعادة النظر فيه، والعمل على تصحيح المسار اليومي حياله حتى تكون قراراتنا الخاصة مرشدة، وتصرفاتنا الحياتية متميزة، وإنتاجيتنا عالية، وبهذا ننال راحة الضمير وسعادة الدارين والمشاركة الحقيقية في صناعة التنمية الوطنية ذات الجودة العالية، بعيداً عن القيل والقال وتصيد الأخطاء والعثرات، وإضاعة الوقت الطويل في حرب كلامية وتصنيفات فكرية ومناكفات إعلامية وصراعات تويترية لا تعكس حقيقة الرأي العام الذي قد يخدم صانع القرار، ولا هي قادرة على توجيه العامة إلى النهج الحق فيما يتخذ ويقال، بل على العكس هي مصدر بلبلة، وعنوان تناقض، ومنطقة تصفية حسابات شخصية بلغة ركيكة وأسلوب متشنج وانفعال وغضب لا مبرر له، والمصيبة حين يكون هذا الكاتب والمغرد ممن يعدون من النخب التي من المفترض أن تقود الرأي العام لما فيه خير الوطن وسلامته وتقدمه وتطوره بأسلوب رصين وكلمات متفائلة وأخلاقيات راقية ونظرة ناضجة واستشراف للمستقبل برؤية واعدة صادقة.
إنك حين تسبر الساحة الإعلامية قديمها وحديثها لا يمكنك أن تفرّق بين خطاب النخب وتهميشات العامة وردودهم، ليس لأن الأخير ارتفع عنده مستوى الطرح والتفكير، ولكن على العكس من ذلك للأسف الشديد وهذا في النهاية يضر بتحقيق الفاعلية الوطنية، ويسلب النخب القدرة على القيام بدورها إزاء المجتمع، هذا على افتراض أن هؤلاء النخب - إن صح نعتهم بهذا - قادرون - قبل أن ينبروا للتوعية والتثقيف - على الوفاء الحقيقي بما أشرت إليه أعلاه من امتلاك زمام قرارهم الأسري وإنجاز مهام أعمالهم التي نيطت بهم جراء تسنمهم وظيفة عامة من وكدها خدمة المجتمع وتقدم ورقي الوطن. دمتم بسلام، وألقاكم على خير والسلام.