د. صالح بكر الطيار
عندما تُشرع الأنظمة في أي مجتمع فذلك يسهم في رقي المجتمع.. ودائمًا ما تقترن تلك الأنظمة بقوانين تستند إلى احترامها، وتفرض غرامات معينة وعقوبات مختلفة.
ما أعنيه في مقالي اليوم أن سَن الأنظمة وتشريعها لصالح المجتمع، وأن أي اختراق لهذه الأنظمة أو مخالفتها يعكس صورة سلبية عن المتعاملين مع هذا النظام، وأن احترامها يعكس نهوض المجتمع بقيمه وصفاته؛ ليكون مجتمعًا مثاليًّا سليمًا، يقدر النظام، ويوظفه في خدمة الصالح العام.
لدينا في المملكة أنظمة مؤسساتية مهمة، ولا تزال الوزارات ساعية في سَن قوانين وأنظمة جديدة، تتوافق مع تحضر المجتمع، ومع تطور الحياة، وتقدم العالم.. ولكننا نعاني عدم احترام الأنظمة في مجالات عدة. وما يسوؤني أن بعض المواطنين يحترم الأنظمة في خارج بلده نظرًا لوجود العقوبات والغرامات، وللتخوف من فرضها عليه، أما في الوطن الذي هو أولى بالاحترام والتقدير فإنه يخالف، بل يستمر في ذلك حتى وإن عوقب؛ ما ينشر سلبية عدم احترام النظام.
فنجد أن الازدحام يملأ الشوارع بسبب عدم احترام أولويات المرور، وأن المواقف الطولية يتم الوقوف عليها بشكل عشوائي.. فيما نجد أنه لا احترام لنظام الأرقام في المصالح الحكومية؛ فنجد العديد يتشبثون بالواسطات والمعارف حتى يتسلل عبر الصفوف؛ ليحظى برقم سابق عن آخر. وفي الخدمات المختلفة يتبارى المراجعون بالواسطات وبمخالفة النظام والإصرار على تشويه صورة المنطق في الحصول على الخدمة وفق النظام.
وفي المستشفيات نجد أن بعض المسؤولين - وللأسف - يقدمون أشخاصًا دون آخرين متأثرين بالواسطة، ولو قدمت إليهم شفاعة حسنة لما أولوها اهتمامًا كالواسطة! وهذه مشكلة كبرى، تدل على عدم احترام النظام، سواء من المسؤول أو المواطن. وتتوالى سلسلة عدم احترام النظام من خلال تطبيق العقاب والغرامة على البعض ومسامحة الآخرين؛ ما يجعل الجميع يتشارك في عدم احترام النظام، والإساءة إلى الذوق العام، ومخالفة القوانين التي يجب أن تُنفَّذ وفق صلاحيات النظام الذي يجب أن لا يستثني أحدًا بأي شكل من الأشكال إلا وفق الاستثناءات التي يحتويها النظام وفق مواده وبنوده؛ إذ كفلت الأنظمة وجود حالات تستوجب، وأخرى تستثنى، وفق النظام، وليس وفق أهواء المنفذين له.
لمواجهة هذه الفوضى والجهل على الوزارات المختلفة أن تطبق العقوبات بشكل جاد، وأن ترصد الحالات التي تخترق النظام وتخالفه، وأن تفرض النظام وفق أسسه ومنطلقاته، وتوظفه بشكل دقيق، ومتابعة ذلك، وأن تواصل سَن القوانين والأنظمة التي تنظم الحياة، وتضبط الخدمة، وتوظف الأداء وفق مقتضيات المصلحة العامة للفرد والجماعة.