يوسف المحيميد
يدهشني إصرار البعض على هذه المحاولات البائسة في التطاول على الأمر السامي الصادر بشأن السماح بقيادة المرأة للسيارة، سواء ببث الأكاذيب في الواتساب، أو بوضع الهاشتاقات التي تنتشر فيها حسابات سواداء من خارج البلاد، ممن يحاول يائسًا في خلق انقسام في مجتمعنا، رغم أننا نعرف جيدًا تعاملنا مع التحديث منذ نصف قرن، حتى المعارضين يدركون جيدًا أن ما يعترضون عليه اليوم، سيفعلونه غدًا، وسيتنافسون على تعليم زوجاتهم وبناتهم قيادة السيارة، بعد أن يكتشفوا أن ما كانوا فيه مجرد أوهام باطلة، ارتبطت بالتقاليد والعادات بالدرجة الأولى.
ولعل ما يُنتظر من الدولة القيام به هو إيقاف مبالغات البعض، وقيامهم بالتضليل ونشر الشائعات، كشائعة إلغاء الأمر السامي، وصناعة فيديو بذلك، فهذه جريمة تزوير وكذب يجب الوقوف أمامها بحزم، فالأمر نافذ، ولن تعود عجلة التنمية خلفًا، ومؤسسات الدولة جميعها تستعد منذ الآن لتنفيذ الأمر الكريم في العاشر من شوال القادم، فالمرور يستعد لفتح مدارس تعليم القيادة، واستقطاب الكفاءات من معلمات القيادة، والجامعات تعمل على إنشاء مواقف خاصة لسيارات الطالبات، ومعظم المجتمع يستعد لهذه اللحظة التاريخية، والدولة تجهز كل ما له علاقة بذلك، من ضبط أداء المرور وإحكامه، ووضع قانون التحرش خلال شهرين، من أجل البدء بتطبيقه فعليا قبل انطلاقة قيادة النساء لسياراتهن.
نحن منذ عقود طويلة نعاني من فرض الوصاية من قبل البعض، ممن يرى أنه كامل، وغيره قاصر يجب التفكير عنه، واتخاذ القرار نيابة عنه، كأن هؤلاء يشعرون بالحسرة لعدم قدرتهم وخوفهم من التغيير، فيفرضون خوفهم وترددهم على الآخرين، ويتمنون ألا يحدث التغيير، كي لا يرى غيره يستفيد من هذه التغيرات دون أن يملك هو فعل ذلك، بمنطق (عليَّ وعلى أعدائي).
لماذا لا يفهم هؤلاء أن هذا الأمر ليس إلزاميًا، ومن حق من يرفض الفكرة أن يحافظ على سائقه الخاص، ويبقي غرفته الصغيرة في منزله، لكنني على ثقة كبيرة أن هؤلاء سيكتشفون بعد سنوات أن الأمر كان عاديًا، بل مريحًا للأسرة، وللأمان الأُسَري من مشكلات السائقين، وسينخرطون ضمن المجتمع الطبيعي، وستصبح حكايات السائقين مجرد إرث تتحدث عنه الأجيال القادمة، فاهدأوا وكفوا عن التهويل والبكائيات، وانشغلوا عن الأكاذيب والشائعات، وكونوا ضمن الفاعلين لأجل مستقبل مضيء لهذه البلاد.