الاستثمار الناجح ببساطة، هو الاستثمار المبني على أهداف واقعية وقابلة للتنفيذ، وتحقق عائد على الاستثمار خلال فترة زمنية محددة. وفي جميع الأحوال، لا بد أن تتميز الأهداف بالمرونة الكافية لتقبل أي تعديل أو تطوير يُجرى عليها وفي أسرع وقت ممكن.
وليس بالضرورة أن يكون العائد على الاستثمار في المجال الرياضي عائد مالي فقط. فهناك مكاسب تسويقية كبيرة تتحقق للشركات وبشكل واضح. منها وعلى سبيل المثال لا الحصر، تعزيز العلامة التجارية، وبناء سمعة إيجابية للشركة، والوصول إلى فئات عملاء مستهدفة بنجاح.
ويعرف المختصون والعاملون في أقسام التسويق، بأن البنود المالية المخصصة للنشاط التسويقي غالباً ما تكون محدودة مقارنة بالبنود التشغيلية الأخرى، ويقابلها كذلك مطالبات ملحة من الإدارات العليا لتحقيق الأهداف وبأقصى حد ممكن، مما يشكِّل نوعاً من التحدي لفريق التسويق للوصول إلى التوازن المطلوب ما بين التكاليف المالية والعائد المتوقع منها، وخصوصاً عند مرحلة اختيار الوسيلة الإعلانية الأنسب من الخيارات الإعلانية العديدة والمتاحة.
وتبرز هنا أهمية المجال الرياضي والاستفادة من الأندية الرياضية كمنصة إعلانية، فهي تعتبر من الخيارات الأنسب - إن لم تكن الأنسب على الإطلاق - لخفض درجة المخاطرة في التكاليف التسويقية وتقليل نسبة الفشل في تحقيق الأهداف. ويعود ذلك إلى كفاءة الأندية الرياضية بسرعة وصول وانتشار رسالة الشركة مقارنة بكافة الخيارات الإعلانية الأخرى، وخصوصاً للشركات التي تهدف بشكل رئيسي من خلال إعلاناتها إلى نشر علامتها التجارية.
إضافة إلى ذلك، تتميز الأندية الرياضية بتوفير قيمة مضافة للمعلنين، تتجاوز نشر شعار الشركة أثناء المباريات والتدريبات فقط، فهي توفر فرصة انتشار الشعار عبر الوسائل الإعلامية التقليدية كالبث التلفزيوني والتغطيات الصحفية والمواقع الرياضية الإلكترونية، وصولاً إلى وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي الحديثة.
ولتأكيد أهمية القيمة المضافة التي تقدّمها الأندية للشركات، فمن خلال دراساتي الخاصة للسوق المحلي خلال موسم رياضي واحد فقط، بلغت القيمة السوقية لظهور شعار إحدى الشركات 20.8 مليون ريال عبر التغطيات الصحفية، و93.6 مليون ريال عبر المباريات المنقولة تلفزيونياً والبرامج الرياضية المتخصصة. أي أن الشركة حصلت مجاناً وبشكل غير مباشر على مساحات إعلانية بإجمالي وقدره 114.4 مليون ريال كقيمة سوقية للإعلان. وهو المبلغ الذي كانت ستدفعه الشركة لو اتجهت مباشرة للقنوات التلفزيونية والصحف للحصول على نفس القدر من الظهور، مع افتراض عدم حصولها على أي تخفيض في قيمة الإعلان.
ولا شك أن الأرقام التي خلصت إليها الدراسة تختص بالتحديد بأندية ذات قاعدة جماهيرية عريضة واهتمام إعلامي كبير، وتم استخدامها لإيضاح حجم العائد التسويقي الضخم والذي حصلت عليه الشركة من خلال ارتباطها بالرياضة. فهي لا تعتبر قاعدة عامة قابلة للتطبيق لكل اتفاقية ومع أي ناد رياضي، فالأندية الرياضية تختلف فيما بينها من نواح عدة.
وفي النهاية، إذا قرَّرت إحدى الشركات الاستثمار في الأندية كوسيلة إعلانية، فيتوجب عليها قبل البدء، تحديد تصنيف للأندية خاص بها ووفق معايير واضحة، لتتمكن من المفاضلة بين الأندية. ومن ثم تحديد النادي الأنسب لها بناءً على ميزانياتها من جهة، ومدى قدرة النادي على تحقيق الأهداف من الجهة الأخرى. فالاستثمار الرياضي للشركات، لا يعتبر هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة مجدية وفعَّالة لتحقيق الكثير من أهداف الشركات.
** **
محمد الفرج - مدير عام الشؤون الإعلامية ومساندة التسويق بالاتصالات السعودية (سابقاً)