فوزية الجار الله
كانت لحظة تاريخية، مميزة، رائعة تلك التي تناهى فيها إلى أسماعنا قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، هذه هي اللحظة التي انتظرناها طويلاً ولأن مطالباتنا امتدت على مدى سنوات طوال فقد تحولت هذه الأمنية إلى حلم بعيد نتأمله مثلما قمر في السماء، وكنا نشعر أحياناً بشيء من اليأس لتلك المسافات التي تفصلنا عن ذلك الحلم.. حتى حانت الساعة وصدر القرار الملكي الذي أسعدنا وأثلج صدورنا..
بدأت مناقشة قيادة المرأة للسيارة منذ زمن بعيد ربما أربعين عاماً أو أكثر وحينها صدرت توجيهات حكومية بإغلاق النقاش في هذا الموضوع تماماً لاعتبارات شتى لا أود الخوض في تفاصيلها حيث لا يتوفر لدي المصدر الآن ولا أريد الكتابة استناداً إلى الذاكرة وحسب.
وبعيداً عن النظرة السطحية من البعض لموضوع القيادة وبعض الأصوات الأخرى التي جعلت من مشهد امرأة سعودية تقود السيارة مشهداً يثير الدهشة وربما السخرية إلا أن القيادة في حقيقتها أمر حتمي سوف يساعد كثيراً العائلة في اختصار تكاليف السائق إضافة إلى تلك المشكلات الاجتماعية التي تنشأ عن وجود السائق باعتباره رجلاً أجنبياً في المنزل.
كل امرأة واعية ترى بأن قيادة السيارة ليست استعراضاً أو طريقاً للتحرر من صورة المرأة المسلمة المحتشمة وإنما هي ترى قيادة السيارة مسؤولية لا بد من القيام بها على أكمل وجه بطريقة مشرفة تحمي المرأة ذاتها وأسرتها والمجتمع المحيط بها.
والآن علينا أن نفكر بمراكز متخصصة لتعليم المرأة القيادة لتأهيلها بشكل علمي سليم للتعامل مع المركبة ومع أنظمة المرور.
** صدور القرار كان محفزاً ودافعاً لنبش الذاكرة والبحث حوله،
ففي هذا السياق قرأت خبراً على موقع (العربية نت)، يقول الخبر بأنه قبل حوالي 60 عاماً (في عام 1378هـ)، منح القاضي في المجمعة الشيخ علي بن سليمان الرومي، ترخيصاً لامرأة من أجل قيادة السيارة في السعودية، فقد أوضح المؤرخ عبدالكريم الحقيل، ما حدث وقتها، أنه سمع القصة من الشيخ ابن رومي رحمه الله المتوفى سنة 1423هـ.
وفي تفاصيل القصة، كان هناك شخص كفيف، له ابنتان وسيارة تقودها إحداهما وتخدمه، وكان يأتي للمجمعة بين فترة وأخرى ليبيع منتجات في سوقها، حيث تقوم إحدى ابنتيه بقيادة السيارة. وقال: «اعتبر أهل السوق في ذلك الوقت الأمر منكراً..
وأكمل المؤرخ قائلاً: «إن أهل السوق ذهبوا بالكفيف وبناته للقاضي علي الرومي، فاستمع لأقوال الكفيف وظروفه وحاجته، فأجاز لابنته قيادة السيارة، لم يكتف بذلك بل شرح لأهل السوق في المجمعة أنه لا يوجد نص شرعي يُحرم قيادة المرأة للسيارة..
وتابع: «بذلك، يكون قاضي المجمعة الشيخ علي الرومي، أول من أصدر رخصة قيادة لامرأة في السعودية في ذلك الوقت في عام 1378هـ.