أمل بنت فهد
الانفعال انفلات لقواك.. ولحظات يختلط فيها الحق بالباطل.. والصدق بالكذب.. فوضى لا تعرف ترتيب.. كأنها اجتماع يصرخ كل أعضائه في ذات الوقت.. لذا حين تنفعل.. فأنت طفل يحمل مسدساً.. وأعمى يلوح بخنجر.. ولا قوة تردع فقد السيطرة والتحكم.. عدا سيطرة الانسحاب.. والابتعاد لمكان هادئ تجمع فيه ما تناثر منك في الطريق.. تلملم فيه شظايا نفسك التي ارتطمت بعائق ليس في الحسبان.. تعيد فيه ترتيب أفكارك.. وتعقد اجتماعاً طارئًا مع شياطينك.. وتجمع المعلومات وأجزاء القصة التي تمزقت وضاعت أحداثها وفصولها.. وتصبح صالحاً للاستخدام الآدمي.
إن أسوأ ما يمكن أن يحدث لك حين تتعاطى مع عدو متربص.. أو تكون في امتحان لصبرك.. أو حين تجبر على أن تبقى تحت مجهر البحث عن عثراتك.. أن تشتعل سريعاً.. ويثور غضبك.. وتنفعل.. مهما كان الاتهام دنيئاً.. ومهما كانت المكيدة واضحة.. فإن الذي لن تحتاجه أبداً أن تفقد السيطرة على نفسك.. ولن تعرف متى حُصرت في منطقة الدفاع.
أظهر الغضب والاستياء.. لكن كن راقياً.. متمكناً.. ولا ترد سريعاً.. وإن كان بإمكانك تأجيل الحديث.. أجله.. فلست مجبراً على الرد فوراً.. ويمكنك الاستعانة بصديق صدوق.. تمارس بحضوره فورات الغضب.. والانفعال الكامل.. في معزل عن الآخرين.. وبعيداً عن عيون الشامتين والمتطفلين.. المهم أن تُفرغ شحنة الغضب المجنونة.. لأنها فعلياً تحولك إلى مجنون ومتهور.
لن تندم.. ولن تخسر نزالاً واحداً.. إن فعلتها.. ولن تلوم نفسك على كلمة طائشة.. والأهم من ذلك كله.. أنك لم تمنح عدوك فرصة رؤيتك جريحاً.. ستحرمه من متعة التشفي الجائرة.. ستحرق أوراقه.. وتغرق سفنه.
لا بد أن تعرف الأمور والمواقف التي يمكنها أن تستفز جنونك.. وتسحبك للمواقف الصبيانية.. وتتمرن في ساعة الرخاء على تكتيك الانسحاب في الوقت المناسب.. والتزام الصمت حين يكون الحديث عبثاً.
فإذا كان للهدوء فنٌ.. فإن للغضب فن أيضاً.. وله إيقاع قد يحبس أنفاس الآخر ويرعبه.. أو يحولك إلى لعبة تتقافز على صفيح ساخن ويضحك ملء صدره عليك.
باختصار.. حين تتصرف وأنت مُستفز.. وغاضب.. كأنك تنطلق في معركة عاري الصدر.. وحيداً دون جيشك.. وحتماً ستُغلب.. قوتك في جيشك.. وجيشك ثقتك بنفسك.. ونبرة صوتك.. وقوة حجتك.. واكتشاف أهداف عدوك.
تكتيك أخير: قبل أن تضغط زر الإرسال.. انتظر قليلاً.. اكتب ما شاء غضبك أن تكتب.. بأية لغة.. واحفظها عندك.. وليكن الغد موعد الإرسال.. وإذا أتى الغد لن تندم على التأجيل.. بل ستجد هدوءًا يسكن قلبك.. وستعرف كيف تعالج الموقف.