د.علي القرني
أبها ليست مدينة كباقي المدن؛ فهي من أجمل المدن طبيعة ومناخًا وحياة، وقد حققت خلال العقود الماضية قفزات مهمة في مشروعاتها التنموية، ولكن خصوصيتها تجعلها تبقى مدينة في ذاكرة الناس كلما مروا من هنا، وستبقى مدينة المستقبل إذا نظرنا إلى إمكانية الفرص المتاحة للاستثمار، خاصة في قطاع السياحة.
أبها ليست مجرد مدينة، بل هي منطقة بكاملها بتنوع مناخها وطبيعتها وتنوعها الثقافي؛ فهي ساحرة في المكان والتاريخ والجغرافيا، وتمتلك بنية تحتية ملائمة لاستثمارات فورية، ولكن - لا شك - أن المدينة تحتاج إلى التفاتة أقوى وأكثر جدية من منافذ الدعم والاستثمار في الدولة، وعلى رأسها صندوق الاستثمارات العامة.
وصندوق الاستثمارات العامة هو من أكبر الصناديق الاستثمارية في العالم، ومن المتوقع أن يصل رأسماله إلى أكثر من تريليونَي دولار؛ ليصبح أكبر صندوق سيادي في العالم؛ إذ يمتلك حاليًا استثمارات في بنوك محلية، وفي شركات وطنية، وفي شركات عالمية. وفي ضوء رؤية 2030 فإن صندوق الاستثمارت العامة سيكون هو الذراع الاستراتيجية لتحويل الرؤية إلى واقع معاش، وإلى مستقبل زاهر لكل مناطق المملكة؛ فالمدينة الترفيهية الأضخم في الرياض، وتطوير (داون تاون) جدة، وتطوير خمسين جزيرة في البحر الأحمر، وإنشاء شركات عقارية في مكة المكرمة والمدينة المنورة.. هي بدايات فقط لمشروعات عملاقة كبرى، من شأنها أن ترتقي بمختلف مدن المملكة.
وبناء على هذه المعطيات فإن أبها المدينة وأبها المنطقة تستحق التفاتة إليها من خلال المشروعات الكبرى التي يؤسسها أو يشارك فيها صندوق الاستثمارات العامة، ولاسيما أن أبها تمتلك مناخًا يُعد الأجمل بين كل المدن الخليجية. وإذا دخل صندوق الاستثمارات العامة إلى أبها فمن شأنه أن يضع هذه المدينة على خارطة العالم بمشروعات كبرى تنطلق من هنا.
ونستطيع أن نقول إن أبها - رغم المشروعات التي فيها - لا تزال مدينة بكر؛ وتحتاج إلى مزيد من المشروعات، مثل المطار الجديد ومدن ترفيهية وفنادق ومولات كبرى، وغير ذلك من المشروعات، ولكن ربما تحتاج أيضًا إلى بنية تحتية من الطرق والخدمات التحتية الأساسية. وهناك تطور مستمر في المدينة والمنطقة، ولكن مدى هذا التطور محدود نظرًا لإمكانية ميزانيات الجهات الحكومية المحدودة في المنطقة.
ومع البنية التحتية تحتاج أبها إلى مشروع عملاق ينهض بالمنطقة، ويضعها على خارطة المشروعات الكبرى في المملكة؛ وبالتالي سينهض مثل هذا المشروع بباقي مشروعات أخرى، وسترتقي المنطقة إلى مصاف المدن السياحية الكبرى في العالم، أو العالم العربي على الأقل. ومما يساعد في نجاح أي مشروع في أبها هو أنها طقس مناسب على مدى العام، خاصة في الصيف. وإذا سألنا أي سائح خليجي أو عربي عن سبب السياحة الخارجية سيكون الطقس هو السبب الأساسي؛ إذ الخروج من مدن الحر ومدن الرطوبة هو الأساس؛ ولهذا تلبي أبها بطقسها المعتدل صيفًا هذه الرغبات السياحية، وإذا امتلكت أبها مشروعات كبيرة مع بنية تحتية كالمطار والفنادق والمولات والطرق والمواصلات وخدمات المطاعم والتسوق فيمكن أن تكون هي الوجهة السياحية للعائلة السعودية والخليجية والعربية.
ولا شك أن صندوق الاستثمارات العامة الذي يرأس مجلس إدارته سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - يحفظه الله - يعمل بصمت إلى أن يعلن مشروعاته. ونتمنى فعلاً أن تحظى أبها المدينة وأبها المنطقة باهتمام خاص من الصندوق خلال المرحلة القادمة، وخلال مشروعات الصندوق الكبرى في مناطق المملكة. وهذا ما نتمنى أن نراه قريبًا.