نوف بنت عبدالله الحسين
عندما يكون نصيبك من الحياة...
كتب معتّقة...
فأنت ثريٌّ جداً...
كلّما تقادم الكتاب... وبدأت صفحاته بالاصفرار... طال عمره وزادت قيمته.. وبدأت رحلة البحث عن أساليب المحافظة عليه بشكل أكثر دقة وحرصاً... تلك الكتب التي تحمل داخلها رحلة المعاني والمعارف... وأسرار الأكوان... تلك الكتب التي تجمّل الرفوف وتزيّن العقول وتقوّم اللسان وتفتّح الأذهان... تبحر بك إلى كل مكان حيث أنت... وتعيش رفاهية الحرف والكلمة المعتّقة الفاخرة... تحلّق بك بعيداً داخل الأسرار... وتكتشف مدى قوّة التأثير من حروفها... قد تصنع توجهاتك أو تصنع لك موقفاً تجاهها... تسيطر على حواسك وخيالك وتفكيرك.... تبكيك وتضحكك... تسعدك وتحزنك... وحتماً تطوّرك..
وكلما اقتنيت كتاباً... اقتنيت معها كنزاً... فلا تستصغر من أمر الكتاب شيئاً حتى ولو لم يتوافق معك... هنا قيمة أخرى في تكوين الذائقة النقدية الخاصة بك... تصقل أدواتك الخاصة... وتعيد لك توهج الفكر والمعنى... تبرق الكلمة كلما لمست في داخلك شعوراً ونشوة... تحلّق بك إلى كل العوالم والمعاني...وتعانق إحساسك...وتعيد وهجك...وتشعل داخلك نوراً من نشوة القارئ النهم... ذلك الذي يقرأ ولا يشبع... ومهما قرأ لا يصاب بتخمة القراءة... بل يتعلق أكثر بكتاب جديد ورحلة جديدة..
كم من كتاب أزهر في القلب حقلاً من شعور... وزيّن حجرات العقل بالفكر والمعرفة... كم من كتاب صنع يومك وبهجتك... وكم من حرف أبحر داخلك في تلاطم الإحساس... فهدأت عاصفة اللحظة... وكم من دمعة غادرت مخدعها لملامستها حرفاً رقيقاً فداعب الشعور واخترق العوالم الدفينة داخلك... وكم من نور أضاء حقيقة كانت غائبة عنك...
للكتاب رائحة عبقة جميلة... كلما تقادم ورقها بثت رائحة الحنين... تذكّرك بوجودها في مكتبتك... فتتصفحه من جديد... وتتذكر لحظات عشتها بين دفتيه وجدفت على قاربه ذكرى كتاب قرأته...
الكتاب رفيق لا يغدر... ولا يزعج... ولا يؤذي... الكتاب رفيقك الذي ينتظرك دون عتاب... ويرافقك دون ثقل... ويكرم فكرك وشعورك... الكتاب أوفى رفيق وأطيب صديق وأحلى صحبة... الكتاب هو الرفيق الأمين... فلا تخذل رفيقك ورافقه كل لحظة وكل حين... فهذا أقل ما نقدمه للكتاب... وهو يمتن جداً بأن تقرأه... فقط اقرأ الكتاب واستمتع بالرفقة الفاخرة...