جاسر عبدالعزيز الجاسر
عندما تطأ قدما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أرض مطار موسكو، بوصفه أول ملك سعودي يزور روسيا (وريثة الاتحاد السوفييتي)، والدولة الثانية في القطبية الدولية، تكون تلك الإطلالة السعودية ليست الأولى لحاضرة قياصرة روسيا؛ فالقادة السعوديون زاروا موسكو كثيرًا، وحتى الملك سلمان بن عبدالعزيز زارها هو الآخر عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض وركنًا مهمًّا من القيادة السعودية آنذاك، كما زارها خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز يوم كان وليًّا للعهد، وكذلك زارها الأمير الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز يوم كان وليًّا للعهد ووزيرًا للدفاع، كما تردد على زيارتها العديد من الوزراء السعوديين، وبخاصة وزراء الدفاع والخارجية والطاقة؛ فسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تردد أكثر من مرة على موسكو، وعقد العديد من المباحثات مع رئيس روسيا السيد بوتين، ووزراء الخارجية والدفاع والطاقة والاستثمار. وزيارات الأمير محمد بن سلمان هي التي أرست قاعدة العلاقات السعودية - الروسية التي حققت نتائج إيجابية عديدة، انعكست على أسواق البترول؛ إذ حققت هذه العلاقة الاستقرار الإيجابي للأسواق العالمية، إثر تفاهم الرياض وموسكو على ضبط أسعار البترول؛ لتنعكس العلاقة الجيدة بين البلدين على الدول المنتجة الأخرى التي تحسنت اقتصادياتها كثيرًا بسبب هذا التفاهم؛ ولهذا فإن الزيارة التي يبدؤها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لروسيا اليوم لا تنحصر تأثيراتها على البلدين فقط؛ فإضافة إلى ذلك لها تأثيراتها المباشرة على أوضاع المنطقة العربية، خاصة الوضع في سوريا والعراق، وحتى لبنان واليمن، من خلال علاقات روسيا بإيران، ومشاركتها في قوات بسوريا.
أما بالنسبة للعلاقات الثنائية المباشرة بين البلدين فينتظر أن تشهد تطورًا ملموسًا، خاصة في مجالات الاستثمار المتبادل، وبخاصة في قضايا الطاقة والتقنية؛ إذ باستطاعة البلدين تحقيق شراكة اقتصادية وتصنيعية، تنفع البلدين كثيرًا، وتحقق نتائج مبهرة. وقد سبقت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لموسكو جلسات ومباحثات، هيأت العديد من الاتفاقيات التي تؤسس لبداية مثمرة للتعاون الصناعي والاستثماري بين روسيا والسعودية، وتختصر الكثير من سنوات التباطؤ، وتعوض التأخير في استثمار ما يمتلكه البلدان من قدرات لتحقيق نتائج إيجابية لصالح الشعبين.