«الجزيرة» - محمد السلامة / تصوير- فتحي كالي:
توقَّع محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد الخليفي نتائج إيجابية للنمو الاقتصادي في الفترة المقبلة في ضوء مؤشرات النصف الأول من العام الحالي، موضحًا أن المؤسسة غير قلقة من انكماش الأسعار؛ لأن الاستهلاك يزيد. كما أشار إلى أنه لا يرى سببًا لانخفاض الريال في العقود الآجلة بسوق الصرف، وأن السيولة في النظام المصرفي جيدة، ولا توجد مخاوف من القروض المتعثرة في البنوك. مضيفًا بأن المؤسسة تلقت ثلاثة طلبات للحصول على تراخيص مصرفية، وأن عملية التجهيز لإصدارها بلغت مرحلة متقدمة.
جاءت التصريحات خلال مؤتمر صحفي، عقدته «ساما» أمس في الرياض بمناسبة إصدار التقرير السنوي الـ53 لمؤسسة النقد العربي السعودي الذي يستعرض التطورات الاقتصادية والمالية في المملكة خلال عام 2016. وكشف الخليفي عن نمو الناتج المحلي لعام 2016 بنسبة 1.7 %، بينما حقق الرقم القياسي لتكاليف المعيشة ارتفاعًا بلغ 3.5 %، فيما تجاوز الإنفاق الاستهلاكي الخاص تريليون ريال لعام 2016 بارتفاع نسبته 5 % عن عام 2015، وبلغ الإنفاق الاستهلاكي الحكومي 16 مليار ريال. موضحًا أن متوسط استهلاك الفرد الخاص لعام 2016 بلغ 33 ألف ريال.
وعن المركز المالي الموحد للمصارف التجاري أكد محافظ مؤسسة النقد متانة وقوة القطاع المصرفي بالمملكة، واستمرار توسعه بتقديم الخدمات المالية والمصرفية للعملاء. لافتًا إلى أن مطلوبات المصارف من القطاع الخاص انخفضت بنسبة 1 % في أغسطس، وبلغت 1422 مليار ريال. مبينًا أن معظم الانخفاض جاء في القروض الاستهلاكية والشركات، ومضيفًا بأن الأصول الأجنبية سجلت للمصارف التجارية خلال الأشهر الثمانية الأولى ارتفاعًا بنسبة 4 % لتصل إلى 235 مليار ريال، في حين ارتفع إجمالي ودائع البنوك المحلية في أغسطس بنسبة 2.6 % مقارنة بانخفاض في الفترة المماثلة من العام الماضي. وأضاف بأن الأصول الاحتياطية لـ «ساما» ما زالت جيدة، وبلغت 1.8 تريليون ريال في شهر أغسطس، وتغطي أكثر من ثلاثين شهرًا من واردات المملكة من السلع والخدمات، وتمثل أكثر من 70 % من الناتج المحلي، وتتجاوز الكتلة النقدية.
وأوضح الخليفي أن مستوى التضخم انخفض بنسبة 0.1 % مقارنة بزيادة في العام الماضي بنسبة 3.5 %. مبينًا أن الانخفاض جاء نتيجة تراجع ثماني مجموعات من 12 مجموعة في السلع والخدمات، أبزرها مجموعة الأغذية والمشروبات والنقل والسكن. مشيرًا إلى أنه بحسب بيانات ميزان المدفوعات فقد حقق الحساب الجاري فائضًا خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 30 مليار ريال مقارنة بعجز مقداره 1.2 مليار ريال في النصف المقابل من العام الماضي. موضحًا أن التحسن يرجع إلى التحسن في الميزان التجاري للسلع والخدمات.
وبشأن قطاع التأمين أوضح الخليفي أن «ساما» بدأت في 2017 في الكثير من الإجراءات الهادفة لتحقيق العدالة في قطاع التأمين، التي نتج منها انخفاض مؤشرات الشكاوى في أسعار التأمين إلى الصفر، في حين انخفض متوسط أسعار التأمين بنسبة 37 % خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة مع عام 2016. مؤكدًا أن المؤسسة ما زالت تراقب قطاع التأمين رقابة صارمة، التي نتج منها إيقاف عدد من الشركات بسبب عدم إعطاء العملاء حقوقهم، ووجود أشخاص غير مرخصين، مُكنوا من ممارسة التأمين. وأشار إلى أن تسوية المطالبات أصبحت تسوى بوقت قياسي، أدى إلى انخفاض الشكاوى بنسبة تجاوزت 50 %، في حين ارتفعت نسبة السعودة في القطاع من 56 % إلى 62 %. مبينًا أن «ساما» وجهت شركات التأمين بضرورة سعودة وظائف مطالبات المركبات بنسبة 100 %، ووظائف خدمة العملاء بنسبة 100 %. مضيفًا بأن المؤسسة تبنت برنامجًا تحضيريًّا لصناعة التأمين، يهدف إلى استقطاب الشباب والشابات السعوديين، وتأهيلهم للعمل في قطاع التأمين. وتقدم للبرنامج أكثر من 3 آلاف شاب وشابة.
وعن القطاع المصرفي أوضح المحافظ أنه تم إجراء عدد من التعديلات والمتطلبات الإشرافية والرقابية في نظام البنوك من أجل تحقيق متطلبات رؤية المملكة 2030، وتفعيل دور القطاع المصرفي؛ ليصبح قادرًا على مقابلة المتطلبات والخطط المستقبلية للمملكة، التي من آخرها التوزيعات النقدية التي زادت خلال النصف الأول بشكل كبير عن النصف الأول من العام الماضي، والتي بلغت قيمتها 10 مليارات ريال مقارنة مع 16 مليارًا في كامل العام 2016. وبيَّن أن المؤسسة وفرت الأجهزة كافة لإصدار وتداول العملة النقدية في مقر المؤسسة وفروعها وقطاع المصارف كافة من أجل انتشار الريال المعدني خلال الفترة المقبلة، التي يسبقها حملة توعوية وتعريفية لتسهيل تداول العملة النقدية. لافتًا إلى أن «ساما» رخصت مؤخرًا لشركة تمويل عقاري مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة. مشيرًا إلى أن المملكة تخوض في الوقت الراهن عملية تقييم للحصول على عضوية دائمة في مجموعة العمل المالي المهتمة بإصدار المعايير الدولية في مجال مكافحة الإرهاب وغسل الأموال.
وفيما يتعلق بالعملة الرقمية أكد الخليفي أن العملة الرقمية مبنية على تقنيات، وليس لدى المؤسسة نية لإصدارها لتتداول بين الأفراد والشركات، ولكن لمواكبة التطور التقني فقد قررت المؤسسة أن تبدأ بمشروع تجريبي لإصدار عملة رقمية؛ ليكون تداولها محصورًا بين البنوك لتفادي أي أثر اقتصادي ممكن أن يحدث، وفي الوقت نفسه النظر في الجوانب الإيجابية للتجربة، والنظر في استمرارها أو إيقافها.