ماجدة السويِّح
انتهى بحمدالله وعزم وحزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- أعقد وأطول ملف، كان سببا في إحراج المملكة العربية السعودية عالميا من قبل حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية والنسوية، لمصادرة حق النساء في الحركة والتنقل، بعد السماح للنساء بالقيادة.
المنع من القيادة كما لا يخفى على الجميع ساهم في عرقلة بعض السيدات من العمل بسبب التكاليف المادية لاستقدام سائق خاص، وزيادة التكاليف الجسدية والمادية أيضا في مشاركة البعض وسيلة نقل واحدة، مع بعد المسافات، مع افتقارنا للمواصلات العامة كالمترو والباصات، كوسيلة نقل آمنة ورخيصة.
الصحافة الأجنبية التي دأبت على استثمار ذلك الملف سلبا وإيجابا ومعها الصحافة العربية، فقدت الدجاجة التي كانت تبيض ذهبا، بعد إقرار حق المرأة السعودية بالقيادة، فالكرت المثير لكسب المزيد من القرّاء والمشاهدين، احترق وبات رمادا تذروه الرياح.
الخبر التاريخي احتل صفحات الصحف العالمية كخطوة تقدمية وتاريخية، كنّا ننتظرها منذ زمن، فالأصداء الإيجابية يمكن قياسها من العناوين الجذابة، والاحتفاء بالقرار محليا وعالميا، لكن هناك في صحافة الظل والأجندات المسبقة للوسيلة الإعلامية المسيسة التي تقتات على قضايانا، ومشاكلنا الداخلية من حين لآخر، ظهر وجه آخر للقرار من خلال النبش، لكل ما من شأنه التقليل من هذا القرار.
المشاركات الإعلامية الخارجية من بعض الناشطات النسويات كانت تفتقر للصحة والدقة، فعلى سبيل المثال صرحت منال الشريف بعد صدور القرار بتصريح لصحيفة النيويورك تايمز عن فرحتها بالقرار التاريخي، لكن تصريحها لم يخلو من معلومات غير صحيحة ومسيئة للوطن، حينما زعمت عن وجود دراسات مولتها الحكومة السعودية أثبتت تأثير قيادة المرأة للسيارة على المبايض، وبالتالي على الإنجاب، والكل حقيقة يعلم أن هذه الدراسة صدرت من شيخ، ولم تصدر كدراسة علمية حكومية.
الأجندات المسبقة لبعض الوسائل الإعلامية فرضت البحث عن شيء آخر، عَل وعسى أن يحل مكان الموضوع المثير والقديم عن منع النساء من قيادة السيارة، لذا استحدثوا استراتيجية «حامض يا عنب» لاستثمار بقايا موضوع انتهى، وحسم لصالح المرأة والمجتمع السعودي، لذا تم استنطاق بعض ممن يقمن خارج الوطن ويطلقن على أنفسهن ناشطات من «مقاهيهم» للتعليق على القرار، فالقرار الذي يدعم ويؤكد على تمكين المرأة لابد أن تشوبه بعض الشوائب التي ادعت بعض الناشطات حدوثها، فالثمن لهذا القرار حسب تصريحهن للقنوات الإعلامية السكوت وعدم التعليق على القرار، في حين بادر البعض منهن للتصريح لرويترز وقنوات إعلامية!! في تناقض عجيب لما صرحن به.
وعلى الجانب الآخر في إعلامنا المحلي وعلى تويتر تحديدا ظهرت الحروب الكلامية، ولغة التشفي من كلا الطرفين المؤيدين، والمتحفظين أو المعترضين على حق المرأة في القيادة، وأظهرت الردود حجم التشفي من المؤيدين، أو الإنكار من الرافضين لدور الناشطات وغيرهم في صدور القرار.
الواقع أن الحركات النسائية خلال عقدين وأكثر مهدت الطريق للتغيير من خلال مناقشة حق المرأة بالقيادة، كما كان للسجال والاختلاف بين أطياف المجتمع دورا لا يستهان به في تمهيد الطريق للتغيير، ومواكبة رؤية 2030، فالقرار التاريخي لم يكن وليد اللحظة بل كان حصيلة سنوات واختلافات ومناقشات، انتهت بقرار لا ينسى في تاريخ الدولة السعودية.
وأخيراً.. لنساء الوطن ورجاله كفوا أقلامكم، وأغلقوا أفواهكم عن السجال والجدال فيمن له الدور الأكبر في صدور القرار، فالجميع رجال ونساء كانوا شركاء في مسيرة التقدم والازدهار، ولنجعل عنبا حلوا رغم صيحات المتشائمين، وناشري الإحباط والخوف بين شركاء الوطن.