علي الصحن
احتج مدرب الهلال واحتجت إدارة النادي معه على غياب الجمهور الأزرق عن المدرج في لقاء الفريق الأخير في الدوري السعودي والذي كسبه الفريق بصعوبة بهدفين لهدف، والحقيقة أن دياز والإدارة محقون في احتجاجهم، ومعهم الحق في هذا العتب لا سيما وأن الفريق يسير بشكل مميز في كل جادة يناور بها، غير أن ثمة أسباب يجب أن تدرسها إدارة النادي هي التي أفضت من وجهة نظري - ويشاركني فيها كثيرون ممن تحدثت معهم حول الموضوع - إلى هذا الغياب الجماهيري.
فبعيداً عن مسألة كون المباراة تقام في ليلة دوامات ومدارس وفي ملعب تحيط به (التحويلات المرورية) والشوارع المغلقة إحاطة السوار بالمعصم، وغياب عدد من نجوم الفريق المؤثرين، فإن هناك أسباباً هي بيد الإدارة يمكن معالجتها ووضع حد لها.
فبداية يكاد الهلال يكون الفريق الوحيد الذي تتسرب قائمته الرئيسة قبل المباراة بساعات طوال، بل إن قائمة الفريق التي لعبت أمام بيروزي الإيراني في ذهاب نصف النهائي الآسيوي كانت في متناول الناس قبل أن يذهبوا إلى دواماتهم (!!)، كما أن الجميع عرف قبل مباراة الهلال والقادسية أن دياز سيريح عدداً من نجوم الفريق، وأنه سيؤدي المباراة بالطاقم الرديف، ويكاد الهلال يكون الفريق الوحيد الذي يعرف الجميع إصابات لاعبيه فور وقوعها، وقبل التثبت منها، وهنا يجب على إدارة النادي أن تعرف من وراء تسريب القائمة، ونشر التفاصيل الدقيقة عن الفريق، وكأنه جدار قصير يسهل القفز عليه، وماذا يستفيد من يسرب الأخبار من فعلته، وما هو أثرها على الفريق ومدرجه؟.
إن انتشار مثل هذه الأخبار والتفاصيل والغيابات أمر من شأنه أن يسهم في إضعاف الحضور الجماهيري، فالجماهير بطبيعتها تريد أن تحضر من أجل مشاهدة النجوم لا الفريق الرديف، وعندما يعرف أن النجوم سيقرر عدم الحضور للملعب وتجشم عناء ذلك.
هنا قد يقول قائل إننا في زمن السرعة ووسائل التواصل الاجتماعي وما كان مخفياً بالأمس أصبح مكشوفاً اليوم، وأن الأهم هو تكتيك اللعب وليس الأسماء التي تقوم به!! وهذا كلام مردود عليه، فالقائمة تكشف للمدرب الخصم شيئاً من طريقة اللعب والأسلوب الذي يتوقع أن ينهجه المدرب، وقد شاهدنا مراراً مناورات يقوم بها مدربون وإدارات من خلال تسريب قائمة فريق يتضح فيما بعد أنها غير صحيحة وأن الخصم قد بلع الطعم واكتوى به.
أسعار التذاكر هي الأخرى يجب أن تدرس بعناية، فليس من المعقول أن تكون جميع المباريات بـ 30 ريالاً للمشجع أو تزيد، والمفترض أن يكون هناك تسعيرة لمباريات فرق المقدمة، والمواجهات الجماهيرية، وتسعيرة لمباريات فرق الوسط التي يتوقع أن يقل فيها الحضور وهكذا، علماً بأن أسعار التذاكر تعتبر مرتفعة مقارنة بالخدمات المقدمة في الملعب، فالمشجع لا يأتي من أجل أن يشاهد المباراة فقط، بل قد يعتبرها فرصة لتغيير جو مع أبنائه ورفاقه، لكنه دائماً يصدم برداءة الخدمات في الملعب وهذه تحدث كثيراً، وشخصياً حضرت مباراة الفريق الافتتاحية في الدوري أمام فريق الفيحاء، ولم تكن الأمور مشجعة لتكرار التجربة، خاصة وأن المياه لم تكن متوفرة يومها، كما أن المنظمين في ملاعب الرياض يرفضون دخول (قوارير المياه) مع المشجعين، فما الذي يجبر الشخص على الحضور أمام ذلك، وهو يملك فرصة مشاهدة اللقاء بشكل أفضل عبر الشاشة؟
إذا أرادت إدارة الهلال وغيرها من الجمهور أن يحضر إلى المدرب فعليها أن تراجع الأخطاء التي تفضي إلى غير ذلك:
- هل أسعار التذاكر مناسبة خاصة إذا كان ولي الأمر متوسط الدخل يريد الحضور مع ثلاثة من أبنائه في المتوسط؟
- هل الخدمات المقدمة في الملعب تناسب الجميع وتحقق طموحاتهم ورغباتهم؟
- هل جعلت قائمة الفريق طي الكتمان ومحل تشوق الجماهير حتى ما قبل المباراة بساعة على الأكثر كما كان يحدث في وقت سابق؟
إن على أي مدرب محترف، دياز وغير دياز، ألا يغضب من صيحات المدرج، وألا يعتبرها تدخلاً في عمله، المشجع لم يأت إلا كي يدعم فريقه أولاً، ثم يقول رأيه بشكل مباشر ثانياً، ومن حقه أن يعاتب ويطالب ويحتج ما دام الأمر في سياق المعقول، وما من مدرج في العالم إلا وفعل ما فعله المدرج الهلالي وأشد من ذلك، فهل غضب المدربون وألمحوا بالرحيل بسبب صيحات مدرج؟؟
أخيراً.. دياز مدرب مميز ويكاد يكون أفضل من مر على الهلال في العقد الأخير، وهو يحظى بحب الهلاليين وتقديرهم لعمله وجهده وإنجازاته، لكن عليه أن يدرك أن الهلاليين لا يمكن أن يجاملوا على حساب الهلال كائناً من كان.. وهذا ما جعل الهلال في القمة على الدوام، لا ينازعه عليها منازع ولا ينافسه فيها منافس.
مراحل.. مراحل
- هيئة الرياضة هل تتوجه إلى دراسة بيئة الملاعب، وأسعار التذاكر ودورها في إضعاف الحضور الجماهيري، وبالتالي التأثير على مستوى المنافسات المحلية؟.
- من الجيد أن تدرس الهيئة إمكانية تكييف الملعب الجوهرة بمدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة، ومن الجيد وبعد ثلاثين عاماً وخمسة أشهر من افتتاح استاد الملك فهد الدولي بالرياض أن تدرس الهيئة إمكانية إنشاء ملعب جديد في مدينة الرياض على أعلى المواصفات العالمية وبالشكل الذي يساعد على زيادة الحضور الجماهيري في مباريات العاصمة.
- قبل أسبوعين وجه رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ الأندية الممتازة بعقد جمعية عمومية استثنائية لكل ناد، ورفع التقارير المالية المعتمدة من قبل النادي خلال شهر، على أن تشتمل التقارير على الإيرادات والمصروفات وديون النادي، والجميع ينتظر هذه الجمعيات وما تحمله من أخبار وأرقام ومفاجآت.